الأخبار

قضايا وآراء في الصحافة العالمية
قضايا وآراء في الصحافة العالمية

عواصم في 16 سبتمبر /العُمانية/ تستضيف الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك يومي 22 و23 من شهر سبتمبر الجاري قمة المستقبل: حلول متعددة الأطراف من أجل غدٍ أفضل.

ويُطلق المنظمون عليها "فرصة مرة واحدة في الجيل"، بهدف تعزيز الحوكمة العالمية من أجل الأجيال الحالية والمستقبلية.

والهدف من هذه القمة هو الاتفاق على وثيقة نتائج موجزة وموجهة نحو العمل (ميثاق للمستقبل) مسبقًا بالإجماع من خلال المفاوضات الحكومية الدولية ويؤيدها رؤساء الدول / الحكومات في القمة.

بالإضافة إلى ذلك، قد تتناول القمة إمكانية تعيين مبعوث خاص للأمم المتحدة للأجيال القادمة، وهو الخيار الذي طالما دعا إليه مجلس مستقبل العالم - بالإضافة إلى الإصلاحات المؤسسية أو المبادرات الأخرى التي تحمي وتكرس حقوق الأجيال القادمة.

وفي هذا السياق، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من المقالات التي خطتها أقلام الكتاب على صفحات الرأي في عدد من الصحف العالمية وسلطوا من خلالها الضوء على الأجندة التي نحتاجها من أجل مستقبل مستدام، والمسؤولية والمساءلة تجاه الأجيال القادمة بالإضافة إلى أهمية القمة في المعركة ضد تغير المناخ، والآمال والطموحات لقمة المستقبل.

فصحيفة "كوريا تايمز" نشرت مقالًا بعنوان: "الأجندة التي نحتاجها من أجل مستقبل مستدام" بقلم الكاتب "كيم وون سو هو" وهو وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة والممثل الأعلى لنزع السلاح، ويعمل حاليًا كأستاذ كرسي في جامعة كيونغ هي في كوريا.

واستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن في الأسبوع المقبل، ستَعقد الأمم المتحدة قمة المستقبل، التي تجمع قادة العالم من القطاعين العام والخاص. وتهدف القمة إلى معالجة تآكل الثقة وتعزيز الإجماع الدولي المتجدد من أجل مستقبل أفضل.

وأوضح أن العالم يشهد اليوم اضطرابات عميقة، حيث تواجه البشرية مجموعة غير مسبوقة من التهديدات الوجودية على جبهات متعددة.

ويرى أن التنبؤ بكيفية ظهور العالم بعد عقد من الزمان يُشكّل تحديًا متزايدًا، ويعتمد إلى حد كبير على مدى فعالية البشرية في معالجة هذه التهديدات الوشيكة. وتظل النتيجة غير مؤكدة حيث يظل المجتمع الدولي منقسمًا.

ويعتقد الكاتب أن الأمم المتحدة مشلولة حاليًا بسبب التنافسات المتجددة بين القوى العظمى والصراعات المستمرة في أوكرانيا والحرب في غزة.

وبيّن أن الانقسامات السياسية بين الدول تعمل على إعاقة العمل المناخي الفعال نحو الحياد الكربوني، في حين تتفوق التطورات التكنولوجية على تطوير الأطر التنظيمية اللازمة لإدارة المخاطر، بسبب الافتقار إلى الإجماع العالمي على التوازن الأمثل بين الابتكار والتنظيم.

وذكر الكاتب أن قمة المستقبل تهدف إلى التغلب على الانقسامات الحالية وتشجيع قادة العالم على التفكير بشكل إبداعي في مستقبل أفضل.

وتطرق المقال لما أشار له "ستيفن هينتس" من صندوق "روكفلر براذرز" في تقرير حديث بعنوان "منطق المستقبل"، الذي يوضح أن الخطر الأعظم في أوقات الاضطرابات ليس الاضطرابات نفسها، بل "التصرف بمنطق الأمس".

ومع ذلك، فإن احتمالات تحويل هذا المنطق من خلال المفاوضات الدولية ضئيلة، نظرًا للانقسامات المتزايدة الاتساع بين الشمال والجنوب العالميين والغرب والشرق العالميين.

وعلى هذه الخلفية، تسعى الأمم المتحدة إلى تقديم مخطط عمل استشرافي، في حين تبذل مؤسسات فكرية مختلفة جهودًا مماثلة.

ويرى الكاتب أن أجندة الاستدامة تحتاج إلى إصلاح عاجل.، مشيرًا إلى أن أهداف التنمية المستدامة التي تم الاتفاق عليها في عام 2015 لا تتقدم على الإطلاق مع اقتراب عام 2030 المستهدف.

وقال: "لابد أن تكون أجندة ما بعد أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك تغير المناخ على وجه الخصوص، تحويلية وقابلة للتنفيذ من أجل الصالح الأوسع للإنسانية والأرض.

ويتعين علينا أن ندرك أن البشرية ليست منفصلة عن الطبيعة، بل هي جزء لا يتجزأ منها. ومن الضروري أن نبتعد عن النماذج غير المستدامة للحضارة الصناعية، التي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري وتنطوي على الإنتاج والاستهلاك الهائلين".

وأضاف: "إن العقد القادم سيكون حاسمًا ولكنه غير مؤكد فيما يتصل ببقاء البشرية. ولا يمكننا أن نتحمل الفشل في تحويل النماذج الحالية للحضارة. ولابد من إيجاد نموذج عالمي جديد، مبني على منطق جديد وإطار مؤسسي مبتكر.

ونحن مدينون للأجيال القادمة ببذل هذه الجهود، بغض النظر عن مدى ضآلة فرص النجاح. ومن الضروري أن نضمن عدم تحول عصر الاضطرابات إلى عصر الكارثة. وبدون جهود متضافرة، فإننا نخاطر بالتوجه نحو عالم فاسد؛ ومع هذه الجهود، يمكننا منع أو تخفيف أسوأ النتائج".

من جانبه، يرى الدكتور "نجيري مواجيرو" وهو باحث في برنامج المستقبل بالمعهد الجنوب أفريقي للشؤون الدولية، أن قمة الأمم المتحدة للمستقبل تؤكد على المسؤولية بين الأجيال والمساءلة تجاه الأجيال القادمة.

وأشار في مقاله الذي نشرته صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية إلى أن في خطوة نحو التغلب على انعدام الثقة العالمي المتزايد وتراجع التعددية، تدعو الأمم المتحدة إلى عقد قمة المستقبل لرؤساء الدول من أجل التوحد على إجماع دولي جديد.

وأوضح أن النتائج المتوقعة من القمة التي ستُعقد يومي 22 و23 من شهر سبتمبر الجاري تتضمن ميثاقًا للمستقبل يتألف من ميثاق رقمي عالمي وإعلان بشأن الأجيال القادمة.

وبين الكاتب أن هذا الحدث الرائد يشكل علامة على أن زعماء العالم والدول أعضاء الأمم المتحدة يعترفون بالمسؤوليات في معالجة القضايا والمخاوف العالمية المشتركة، ويعترفون بالحاجة إلى توسيع التعاون الدولي بشأن المسائل الجماعية على المدى الطويل.

ولفت إلى أن هناك جهود متسقة لتنظيم وضمان إدماج الشباب ومشاركتهم في منتديات الحوار السياسي التي تسهم في تحديد الأولويات وأجندة القمة والالتزامات المرتبطة بها.

ويعتقد الكاتب أن هناك ضرورة ملحة لضمان حلول مستدامة في الجهود الحالية لإصلاح وتنشيط التعددية والمؤسسات الدولية، وضمان الأهمية الدائمة والمرونة في مواجهة التحولات العالمية الجارية والتغيير النظامي.

ونوه إلى أنه من المتوقع أن تنشأ معظم الأجيال القادمة من الجنوب العالمي والاقتصادات الناشئة الحالية، بناءً على توقعات البيانات من التركيبة السكانية المعاصرة بما في ذلك السكان الكبار في الصين والهند والسكان الشباب الكبار في القارة الأفريقية.

وذكر أنه في الوقت نفسه، تُوضّح البيانات بشكل عام أن الشباب في هذه المناطق في الجنوب العالمي يعانون من عواقب غير متناسبة نتيجة لمستويات غير متكافئة من التنمية، والوصول المحدود إلى الفرص مثل التعليم المناسب، وبناء المهارات والوظائف اللائقة بين العقبات الأخرى.

كما تُظهر البيانات أن الشباب ممثلون تمثيلاً ناقصًا في هياكل صنع القرار والسياسات والاستراتيجيات من المستويات المحلية إلى الوطنية والإقليمية والدولية.

وأكد على أن الدعوة موجهة إلى مبادرات الإصلاح والأولويات الرامية إلى إيجاد مساحات وأساليب مناسبة للسياق من أجل إشراك الشباب وإسهامهم على نحو هادف.

من جانب آخر، يرى الكاتب "هانز زومر" وهو الرئيس التنفيذي لـ "جلوبال أكشن بلان" وهي منظمة غير حكومية تعمل على حماية البيئة وتركز على تغيير السلوك، أن قمة الأمم المتحدة هذا الشهر تشكل سببًا للأمل في المعركة ضد تغير المناخ.

وأشار في بداية مقاله الذي نشرته صحيفة "ذي جورنال" الإلكترونية- والتي تصدر من إيرلندا- إلى أنه في وقت لاحق من هذا الشهر، سيجتمع زعماء من مختلف أنحاء العالم في نيويورك لحضور قمة الأمم المتحدة للمستقبل.

وأكد على أن هذا الاجتماع ليس مجرد حدث سياسي آخر؛ بل هو فرصة مهمة لإعادة التفكير في كيفية تعاملنا مع أكبر مشاكل العالم، مثل تغير المناخ، وعدم المساواة، وتدمير بيئتنا.

ولفت الكاتب إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اقترح قمة المستقبل كجزء من "أجندتنا المشتركة" للأمم المتحدة، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحديات العالمية المتصاعدة.

وبين أن القمة لا تهدف إلى إنشاء سياسات جديدة، بل إلى إرسال رسالة واضحة مفادها أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في نهجنا تجاه القضايا العالمية.

وأوضح الكاتب أن الأمم المتحدة تأمل أن يتمكن زعماء العالم من الاتفاق على "ميثاق للمستقبل"؛ ويضم مجموعة جديدة من الأولويات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة: عالم خالٍ من الفقر والظلم أو الضرر البيئي.

ومن وجهة نظره فإن القمة هي أيضًا فرصة لتغيير كيفية تفكيرنا في مستقبلنا واتخاذ القرار بشأنه.

وأكد الكاتب على أن منظمو "قمة المستقبل" يعترفون بأن السياسات الحالية لا تحقق النتائج التي نحتاجها، حيث أن التفكير قصير الأمد أدى إلى انتشار الفقر، وعدم المساواة، والضرر البيئي، والظلم الاجتماعي.

وتدعو القمة إلى تبني منظور جديد، والابتعاد عن المصالح الاقتصادية الضيقة نحو نهج أوسع يثمن الاستدامة والمساواة في الأمد البعيد.

ويرى الكاتب أن مشاكلنا العالمية الأكثر إلحاحًا في الوقت الحالي- تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والفقر، والتفاوت الشديد ــ مترابطة بشكل عميق.

ولحل هذه المشاكل بفعالية، شدد الكاتب على ضرورة أن نفهم ونعترف بأنها تتفاعل مع بعضها البعض.

وقال في هذا الجانب: "إن مثل هذا النهج التفكيري القائم على النظم من شأنه أن يساعدنا على فهم أن حل مشكلة واحدة، مثل الحد من التلوث، من الممكن أن يخلف تأثيرًا متتاليًا في مجالات أخرى، مثل تحسين الصحة أو الحد من التفاوت.

وعلى نحو مماثل، سوف يوضح لنا أن محاولة معالجة تغير المناخ من خلال التكنولوجيا وحدها لن تفعل شيئًا لمعالجة السياسات والخيارات التي أوجدت الأزمة البيئية الأوسع نطاقًا ".

وأضاف: "إن قمة الأمم المتحدة المقبلة تسلط الضوء على أهمية هذا المنظور الأوسع. فهي تذكرنا بأن حل مشكلة واحدة بمعزل عن غيرها لن ينجح. وإذا كنا نريد تحقيق تغيير حقيقي ودائم، فيتعين علينا أن نبدأ في معالجة جذور هذه المشاكل معاً ".

وأكد في ختام مقاله على أن التغيير الحقيقي لا يتعلق فقط بما يحدث في القمة، بل يتعلق أيضًا بوضع السياسات والهياكل الصحيحة التي تمكن التغيير وتوجهه. ويتعلق الأمر أيضًا بالتمكين: إعطاء الناس الأدوات والثقة اللازمة للمشاركة.

وفي ذات السياق، نشر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ومقرة المملكة المغربية مقالًا بعنوان: قمة الأمم المتحدة المقبلة: طموح أم فرصة ضائعة أخرى؟

أشار المقال إلى أن الأمم المتحدة تدعو إلى عقد "قمة للمستقبل"، واعدة بـ"حلول متعددة الأطراف من أجل غد أفضل".

وبحسب المقال فإن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة قد دافع منذ يناير 2017، عن هذه القمة باعتبارها "فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل لتنشيط العمل العالمي، وإعادة الالتزام بالمبادئ الأساسية، ومواصلة تطوير أطر التعددية حتى تصبح مناسبة للمستقبل".

ويشير فريد بلحاج، وهو نائب رئيس البنك الدولي السابق للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في موجزه السياسي الذي نشره مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أن "الأمم المتحدة لديها تاريخ حافل بالقمم والمؤتمرات، كل منها بدرجات متفاوتة من النجاح.

من قمة الأرض في عام 1992 إلى أهداف التنمية للألفية وأهداف التنمية المستدامة اللاحقة، سعت الأمم المتحدة باستمرار إلى حشد العمل الدولي لمعالجة التحديات العالمية.

لكن فريد بلحاج يطرح سؤالًا حاسمًا: "هل ننظر إلى آفاق حقيقية للتنمية، أم مجرد خدعة أخرى؟"

وذكر المقال أن في نيويورك، ستجتمع 193 دولة عضو في الأمم المتحدة - ممثلو كوكب منقسم بشدة - لمدة يومين فقط لمناقشة القضايا العاجلة: العمل المناخي، وعدم المساواة، والاقتصادات الرقمية، وإصلاح المؤسسات العالمية، والذكاء الاصطناعي، وتعزيز الحوكمة العالمية.

البقاء أو عدم البقاء - يبدو أن هذا هو السؤال الشكسبيري حيث يتطرق جدول الأعمال إلى كل تهديد رئيسي للكوكب تقريبًا، باستثناء الحروب والإرهاب والقمع.

وأكد فريد بلحاج على أن نجاح قمة المستقبل التي تقودها الأمم المتحدة يتوقف على قدرة المجتمع الدولي على تحويل التطلعات إلى أفعال ملموسة.

ومع ذلك، نوّه إلى أن ترجمة الإرادة السياسية إلى حلول عملية محفوفة بالتحديات.

ولفت إلى أن تاريخيًا، غالبًا ما أسفرت القمم العالمية عن إعلانات طموحة ولكنها فشلت في التنفيذ بسبب المصالح الوطنية المتضاربة، وعدم كفاية التمويل، والافتقار إلى آليات التنفيذ.

ولكي تتجنب قمة المستقبل هذا المصير، شدد بلحاج على أهمية مواجهة هذه العقبات بشكل مباشر من خلال ضمان المساءلة، وتأمين الالتزامات المالية المستدامة، وتعزيز المشاركة الشاملة، وخاصة من البلدان النامية.

كما شدد على ضرورة أن تعطي القمة الأولوية للأطر القابلة للتنفيذ التي تربط الأهداف العالمية بالواقع المحلي.

/العُمانية/

أحمد صوبان

أخبار ذات صلة ..