الأخبار

قضايا وآراء في الصحافة العالمية
قضايا وآراء في الصحافة العالمية

عواصم في 13 يونيو /العُمانية/ تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعضًا من الآراء حول قضايا مختلفة أوردتها الصحف العالمية عبر مقالات نشرت في صفحاتها وتتعلق باستخدامات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة، وقدرة الأدمغة المزروعة على الحفاظ على الموروثات الفنية بالإضافة إلى سبل مساعدة أفريقيا في حربها ضد الأمراض.

فمجلة "الكونفيرسيشن" نشرت مقالًا بعنوان "الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة" بقلم الكاتب "نير إيسكوفيتس".

أشار الكاتب في مستهل مقاله إلى أن صناعة الصحافة تعرضت لضغوط اقتصادية ومالية هائلة على مدى العقدين الماضيين، وهو ما يجعل توجه الكثير من الصحفيين نحو الذكاء الاصطناعي التوليدي لتعزيز إنتاجيتهم أمراً منطقياًّ.

واستدل الكاتب على استطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس نشر في شهر أبريل الماضي حيال استخدام الصحفيين للذكاء الاصطناعي التوليدي في عملهم، وخلص الاستطلاع إلى أن ما يقرب من 70 بالمائة من المشاركين أكدوا على أنهم بالفعل يقومون باستخدام هذه التقنيات لإنشاء النصوص والمساعدة على تأليف مسودات المقالات التي يكتبونها أو في صياغة العناوين الرئيسة وكتابة منشورات متنوعة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وذكر أيضًا استطلاع عالمي آخر تم في شهر مايو الماضي أشارت نتائجه إلى أن نسبة الصحفيين الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي هي في حدود 47% بالمائة.

وتساءل الكاتب حول إمكانية طرح أسئلة اخلاقية تتعلق بالاعتماد على هذه التكنولوجيا، خصوصاً وأن هنالك أهمية خاصة تربط الصحافة بالأخلاقيات المهنية وثقة الجمهور.

ونوه إلى أن عدم الحذر بشأن ما يتم نشره سوف يزيد من تقويض نزاهة العمل الصحفي نتيجة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وما يزيد الأمر قلقا هو أن هذه الأدوات التقنية لا تزال غير موثوق بها إلى حدّ بعيد.

وحذّر من أن الاعتماد على هذه الأدوات في الحصول على خلفية الأحداث قد يؤدي إلى استخدام معلومات غير دقيقة، وبهذا فإنه من السهل أن يقوم صحفي باستخدام هذه التكنولوجيا للحصول على معلومات أساسية لينتهي به الأمر بمعلومات غير صادقة.

وشدّد الكاتب على أهمية التحقق من صحة النتائج التي يحصل عليها الصحفيون من هذه الأدوات، حيث إن الوقت الذي سيقضيه صحفي معين في القيام بذلك قد يقلل أي مكاسب مزعومة في نسب الإنتاجية.

وفي ختام مقاله أكد الكاتب على أن الصحافة تنطوي على علاقة بين الكتاب وقرائهم، ويقوم القراء بمتابعة ما يكتبه صحفي معين لأنهم يثقون في كتاباته وربما يستمتعون بما يكتب، وهذه العلاقة ربما أصبحت مهددة الآن نتيجة للاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي.

من جانبها، طرحت الدكتورة ماريتجي بوتس، وهي زميلة بحث فخرية في قانون الصحة وأخلاقيات علم الأحياء في جامعة كوازولو ناتال بجنوب أفريقيا، تساؤلًا مفاده: هل تستطيع عمليات زرع الدماغ الحفاظ على الموروثات الفنية؟

ووضحت الكاتبة في بداية مقالها الذي نشرته صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية أن الدماغ البشري، بشبكته المعقدة من الخلايا العصبية التي تعمل بشكل متزامن، كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه مركز الإبداع والتعبير الفني.

وأضافت أنه على مر التاريخ، تأمل الفنانون والمفكرون أسرار العقل، متعجبين من قدرته على استحضار الألحان والصور والقصص التي تأسر القلوب وتلهمها.

وبينت أن في الخطاب المعاصر، أدت فكرة الدماغ باعتباره منبع الإبداع إلى تكهنات حول إمكانية زرع الدماغ لتخليد العبقرية الفنية.

ولفتت إلى أن الأبحاث أظهرت أن مناطق مختلفة من الدماغ، بما في ذلك قشرة الفص الجبهي، والفص الصدغي، والجهاز الحوفي، تقوم بأدوار حاسمة في توليد الأفكار الفنية وتنفيذها في أشكال ملموسة.

وكشفت الاستكشافات الحديثة للتقاطع بين الأبحاث العصبية والتعبير الإبداعي عن التفاعل المعقد بين العلم والفن والتجربة الإنسانية المسؤولة عن العمليات المعرفية مثل الخيال والإدراك والعاطفة - وهي المكونات الرئيسة للإبداع الفني.

ووضحت الكاتبة أن أدمغة الموسيقيين تقوم بتنسيق التفاعل بين المعالجة السمعية والتنسيق الحركي والرنين العاطفي لإنتاج الألحان، بينما يعتمد الفنانون البصريون على القشرة البصرية للدماغ والحصين واللوزة الدماغية لتفسير العالم من حولهم لإنشاء أعمال ذات معنى شخصي ورمزية.

وأشارت إلى أن في السنوات الأخيرة، أثارت فكرة الحفاظ على العبقرية الفنية من خلال عمليات زرع الدماغ الانبهار والجدل.

وفي ديسمبر 2022، قال طبيب الأعصاب الإيطالي سيرجيو كانافيرو إن "زراعة الدماغ بالكامل في الإنسان" ممكنة من الناحية الفنية. ويفترض هذا المفهوم أنه من خلال زرع دماغ الفنان المتوفى في جسد جديد، يمكن إدامة جوهره الإبداعي، مما يسمح للأجيال القادمة بتجربة أعماله بشكل مباشر.

ونوهت إلى أن المؤيدين يزعمون أن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يحمي الكنوز الثقافية من ويلات الزمن، ويضمن استمرار تألق الملحنين والرسامين والكتاب البارعين إلى أجل غير مسمى.

وفي المقابل، ترى الكاتبة أن المخاوف الأخلاقية تلوح في الأفق بشكل كبير في المناقشات المتعلقة بزراعة الدماغ.

وذكرت الكاتبة أن النقاد يحذرون من اختزال الفنانين في مجرد مستودعات لمخرجاتهم الإبداعية، محذرين من أن جوهر الفن لا يكمن فقط في مظهره المادي ولكن في التجارب المعاشة ووجهات النظر الفريدة لمبدعيه.

وتثير العبقرية الفنية التي تتحول إلى سلعة من خلال الاستغلال التجاري آثارا مقلقة على سلامة التعبير الإبداعي.

وقالت الكاتبة في ختام المقال: "يظل العقل البشري، بقدرته اللامحدودة على الخيال والابتكار، مصدرًا للانبهار والتأمل الذي لا نهاية له. ومع استمرار تعمق فهمنا لأعمالها الداخلية، يتزايد أيضًا تقديرنا للدور العميق الذي تلعبه في تشكيل مسار الإبداع البشري".

وأضافت: "في حين أن مفهوم زرع الدماغ يثير أسئلة استفزازية حول طبيعة الفن وحدود التدخل العلمي، فإنه يؤكد في نهاية المطاف على السعي الدائم لكشف أسرار العقل والحفاظ على تراث أولئك الذين تجرأوا على الحلم".

من جانب آخر، يرى الكاتب "لاينت اوتينو" أنه قد ولت الأيام التي كان من الممكن فيها استبعاد الإصابة بالملاريا على الرغم من ظهور الأعراض لمجرد أنك لم تسافر "أخيرا" إلى حوض بحيرة فيكتوريا أو المناطق المحيطة الدافئة والرطبة التي تؤوي بعوض الأنوفيليس.

وأشار في مقاله الذي نشرته صحيفة "ستاندرد" الكينية بعنوان: "تحقيق التوازن في البحوث لمساعدة أفريقيا في حربها ضد الأمراض" إلى أن تغير المناخ قد أدى إلى جعل المرتفعات أكثر دفئًا وأكثر رطوبة، مما جعلها صالحة للسكن بشكل فعّال بالنسبة لهذا البعوض.

وذكر على سبيل المثال حوض بحيرة كينيا، حيث عملت الحكومة الكينية على تثقيف الجماهير، وتوفير الأدوية، وتوزيع الناموسيات المعالجة في إطار حربها ضد الملاريا.

ونوه الكاتب إلى أنه في هذه المناطق تتداخل الفيضانات والجفاف الناجم عن المناخ مع النظم البيئية والمستوطنات البشرية، ويؤدي ركود المياه نتيجة للفيضانات إلى إيجاد أرض خصبة لناقلات الأمراض وزيادة اتصالها بالبشر.

وفي مواسم أخرى، يتداخل الجفاف الطويل مع الزراعة وإنتاج الغذاء، وقد يتسبب أيضًا في الهجرة، ويؤدي إلى المزيد من حالات سوء التغذية.

ويرى الكاتب أن هذه الأمور، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في حالات الملاريا والكوليرا عند الفيضانات، تؤكد على ضعف السكان في مواجهة الأزمات الصحية الناجمة عن المناخ، والتي عادة ما تكون أكثر وضوحا عندما تتدفق صور الأشخاص الهزيلين على الأخبار وتكثف الدعوات للمساعدة.

ولفت إلى أن التفاعل المعقد والمتعدد الأوجه بين تغير المناخ وانتشار الأمراض المنقولة بالنواقل والتي تشكل أزمات صحية وغيرها موجود في معظم دول أفريقيا بما فيها كينيا.

ويعتقد الكاتب بأن في أفريقيا، تشكل التغيرات في توزيع ناقلات الأمراض بسبب ارتفاع درجات الحرارة وأنماط الطقس غير المنتظمة آثاراً بعيدة المدى لتغير المناخ.

ولمواجهة هذه التحديات الصحية المتزايدة، يرى الكاتب أن أفريقيا تحتاج إلى أنظمة مراقبة أقوى، وبنية أساسية أفضل للصحة العامة، وزيادة التثقيف المدني، والمزيد من البحوث والإبداعات المستهدفة، فضلا عن سياسات واقعية وتعاون دولي.

ومن وجهة نظره، فإنه يتعين على صناع السياسات والباحثين ومنظمة الصحة العالمية أن يرغبوا في إيجاد توازن أكثر أهمية في التركيز البحثي بما يتجاوز الملاريا، وحمى الضنك، والشيكونجونيا، للمساعدة في تطوير تدخلات فعالة قائمة على الأدلة، وحماية الفئات السكانية الضعيفة، وبناء مستقبل مرن لأفريقيا.

وأكد في ختام مقاله على أن صحة الملايين في المستقبل تعتمد على القدرة على الاستجابة لهذه العلاقة الوثيقة بين تغير المناخ والصحة العالمية، محذرًا من السماح لتغير المناخ بتقويض الانتصارات التي تحققت بشق الأنفس في مكافحة الأمراض.

/العُمانية/

أحمد صوبان/أنس البلوشي