عواصم في ٢ فبراير /العُمانية/ سعى العديد من العلماء والمخترعين والمبتكرين للتوصل إلى ابتكار يحاكي العقل البشري على مر السنين، ونالوا مرادهم قديمًا في مجال الخيال العلمي فقط.
ولكن في الفترة الماضية، أصبح هذا الأمر واقعًا في حياتنا اليومية، خاصة مع تقنية تشات جي بي تي التي طورتها شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي "أوبن أيه آي" حيث يتحاور الروبوت مع المستخدم ويجيب على ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل، ويتذكر كل ما طرح عليه من قبل من أسئلة خلال الحوار الذي يتم وكأنه بين شخصين.
وفي هذا الصدد، رصدت وكالة الأنباء العُمانية بعض المقتطفات من مقالات الرأي في عدد من الصحف العالميّة حول تأثير برنامج جي بي تي على قدرات الطلبة الكتابية ودور معلمي العلوم الإنسانية والاجتماعية في التعامل مع هذا البرنامج بالإضافة لتأثير الذكاء الاصطناعي على الإبداع.
فصحيفة "اليابان اليوم" نشرت مقالًا بعنوان: "كيف يسلب برنامج دردشة جي بي تي من الطلبة الدافع للكتابة والتفكير" بقلم الكاتبة: "نعومي بارون" وهي أستاذة علم اللغة الفخري في قسم اللغات والثقافات العالمية في الجامعة الأمريكية في واشنطن.
وقالت الكاتبة في بداية مقالها: "عندما أطلقت شركة "أوبن آيه آي" برنامجها الجديد للذكاء الاصطناعي، دردشة جي بي تي، في أواخر عام 2022 بدأ المعلمون في القلق، حيث يمكن للبرنامج إنشاء نص يبدو كما لو أنه كتبه إنسان".
وطرحت تساؤلًا مفاده: كيف يمكن للمعلمين اكتشاف ما إذا كان الطلبة يستخدمون لغة تم إنشاؤها بواسطة روبوت محادثة ذكاء اصطناعي للغش في مهمة كتابية؟
وأجابت على هذا التساؤل قائلةً: "بصفتي لغوية تدرس تأثيرات التكنولوجيا على كيفية قراءة الناس وكتابتهم وتفكيرهم، أعتقد أن هناك مخاوف أخرى ملحة بنفس القدر إلى جانب الغش. وتشمل هذه ما إذا كان الذكاء الاصطناعي، بشكل عام، يهدد مهارات الكتابة لدى الطلبة وقيمة الكتابة كعملية وأهمية رؤية الكتابة كوسيلة للتفكير."
وأضافت: "كجزء من البحث الخاص بكتابي الجديد حول تأثيرات الذكاء الاصطناعي على الكتابة البشرية، قمت باستطلاع آراء الشباب في الولايات المتحدة وأوروبا حول مجموعة من القضايا المتعلقة بهذه التأثيرات. لقد أبلغوا عن مجموعة من المخاوف حول كيف يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تقوض ما يفعلونه ككتاب. ومع ذلك، وكما أشرت في كتابي، فقد استغرق إعداد هذه المخاوف وقتًا طويلاً."
وأوضحت الكاتبة: "أعرب الشباب في استطلاعاتي عن تقديرهم لمساعدة الذكاء الاصطناعي في التهجئة وإكمال الكلمات، لكنهم تحدثوا أيضًا عن التأثيرات السلبية. قال أحد المشاركين في الاستطلاع إنه "في مرحلة ما، إذا كنت تعتمد على نص تنبؤي، فستفقد قدراتك الإملائية."
ولاحظ آخر أن "برامج التدقيق الإملائي والذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها من قبل الأشخاص الذين يريدون اتخاذ طريقة أسهل للخروج."
وترى الكاتبة أنه يمكن أن تؤثر أدوات الذكاء الاصطناعي أيضًا على صوت كتابة الشخص، حيث قال أحد الأشخاص في استطلاع الرأي الذي أجرته الكاتبة إنه من خلال الرسائل النصية التنبؤية ، "[أنا] لا أشعر أنني كتبتها."
وفي سياق متصل، نصح الكاتب "باسو نزيندزي" في مقاله الذي نشرته صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية، معلمي العلوم الإنسانية والاجتماعية بتوخي الحذر عند التعامل مع المقالات في ضوء الاستخدام الواسع لتطبيق جي بي تي القائم على الذكاء الاصطناعي.
وأوضح الكاتب، وهو أستاذ مشارك في قسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة جوهانسبرج ولديه مؤلفات في الذكاء الاصطناعي، أن تطبيق دردشة جي بي تي قد أثار نقاشًا كبيرًا في مجال البحث والتعليم العالي منذ تدشينه في نوفمبر من العام الماضي.
وبيّن أن التطبيق هو مثال على مجالات الذكاء الاصطناعي بما في ذلك معالجة اللغة الطبيعية والحوسبة اللينة، وهو يؤدي أعمالًا لا تصدق من التحليل استجابة لمجموعة واسعة من المطالبات.
وأشار إلى أن في قطاع التعليم العالي، اكتسب الاختبار المنزلي استخدامًا متزايدًا خاصة خلال عمليات الإغلاق المرتبطة بانتشار فيروس كورونا-وتم الإبقاء على هذا النوع من الاختبار في العديد من المؤسسات حتى بعد الجائحة.
ولكن بعد ظهور تطبيق دردشة جي بي تي، ارتأت الكثير من المؤسسات التعليمية العودة إلى الامتحان التقليدي المكتوب شخصيًا وتحت المراقبة وفي جميع المجالات.
ومع ذلك، يرى الكاتب أن الامتحان ليس سوى تتويجًا للتعلم الذي يتم إجراؤه في وحدة نمطية، وأن جزءًا من العملية التعليمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية هو تعليم الطلبة كيفية إجراء البحوث وكتابة المقالات الأصلية.
وطرح الكاتب تساؤلًا مفاده: ما مدى التأكد من أن الطالب قد كتب حقًا المقال الذي قدمه وأنه لم يتم إنتاجه بواسطة هذا الذكاء الاصطناعي المتطور؟
وأكد في ختام مقاله على أن كما هو الحال مع جميع الابتكارات الرئيسية، ظهر جانبان رئيسيان: يرى أحدهما أن أداة الذكاء الاصطناعي تشكل تهديدًا على التعليم، بينما يرى الآخر أنها تطور مرحب به في القطاع.
من جانبه، يرى الكاتب "حامد سيف الدين" وهو محاضر أول بقسم العلاقات العامة في كلية الاتصال والإعلام بجامعة شاه علم الماليزية أن الذكاء الاصطناعي يقضي على الإبداع.
وقال في بداية مقاله الذي نشرته صحيفة "نيو ستريتز تايمز" الماليزية: "في السنة الحادية عشرة من التدريس، أواجه مشكلة جديدة وهي استخدام الذكاء الاصطناعي في فصل الكتابة".
وأوضح الكاتب: "بعض طلابي، الذين نادرًا ما يتحدثون أثناء المناقشات، قاموا فجأة بتسليم نسخة جديرة بنطاق اختبار اللغة الإنجليزية للجامعة الماليزية مع عدد يكاد لا يذكر من الأخطاء بين الفقرات والجمل والتعبيرات."
ومن وجهة نظر الكاتب فإن هذه الممارسة لا تؤثر على طلبة الدراسات العليا، ولكن بالنسبة للطلبة الجامعيين فتعلم التفاصيل الجوهرية لصياغة الجملة الأساسية للتعبير أمر ضروري ولا يمكن أن يعتمد الطالب هنا على الذكاء الاصطناعي.
وبيّن الكاتب أنه ليس من الخطأ إعادة صياغة تعبير أو جملة باستخدام برامج الذكاء الاصطناعي، ولكن عندما يتعلق الأمر بفقرة كاملة أو مقال كامل فهنا تكمن المشكلة.
وأكد في ختام مقاله على أن الذكاء الاصطناعي يقضي في المجال الأكاديمي على الإبداع الحقيقي ويمحو العمل الصعب اللازم لصقل الكثير من المهارات.
/العُمانية/
أحمد صوبان