عواصم في 17 أكتوبر/العُمانية/ أصبحت أزمة المناخ واحدة من أكبر الكوارث التي تهدّد البيئة والإنسان وكوكب الأرض حيث باتت تأثيراتها وتبعاتها مصدر قلق لجميع الدول دون استثناء.
ونتيجة لهذه الأزمة، ظهر مصلح "الحياد الكربوني" وهو خفض انبعاثات الكربون إلى أقصى حدّ لتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة للدول والحدّ من تداعيات تغير المناخ في الوقت الذي وضع فيه العديد من الدول خطة لتحقيق هذا الحياد، ومن بينها سلطنة عُمان التي حدّدت عام 2050 موعدًا لتحقيقه.
ومع قرب انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ 2022 في شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية مطلع شهر نوفمبر القادم، تابعت وكالة الأنباء العُمانية بعض المقتطفات من مقالات الرأي في بعض الصحف العالمية حول هذا الحدث الأممي الذي سيَعقد عليه الجميع الآمال لمواصلة ما تم إنجازه في مؤتمر جلاسكو 2021.
فقد نشرت مؤسسة "بروجيكت سينديكت" مقالًا بعنوان: "مؤتمر اللاعودة: مؤتمر تغير المناخ في مصر يعطي الأمل" بقلم معالي سامح شكري، وزير الخارجية المصري والرئيس المعين للدورة الـ ٢٧ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.
وقال الكاتب في بداية مقاله إنه في الوقت الذي يخشى فيه البعض أن يكون مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ هذا العام ضحية غير مقصودة للتوترات الجيوسياسية والمشاكل الاقتصادية التي يواجهها العالم، فإن العكس هو صحيح إذ يمثل الحدث فرصة فريدة وفي الوقت المناسب للعالم للالتقاء والتعرف على المصالح المشتركة واستعادة التعاون متعدد الأطراف.
وبين أن التكلفة البشرية لتغير المناخ تتصدر عناوين الصحف بشكل شبه يومي ولم يعد الاحترار العالمي تهديدًا بعيدًا أو نظريًّا، بل أصبح تهديدًا ماديًّا مباشرًا - وهي ظاهرة تؤثر على كل واحد منا وعلى عائلاتنا وجيراننا.
وأضاف أنه لم يُترك أي مجتمع سالما بسبب موجات الجفاف المتكررة والشديدة وحرائق الغابات والعواصف والفيضانات إذ أن الملايين من الناس يكافحون بالفعل من أجل البقاء.
ووضح أنه لم يتم إجراء التغييرات اللازمة لتجنب الكارثة على الأقل ليس بالسرعة الكافية إذ أن العالم النامي أصبح محبطًا بشكل متزايد من رفض الدول الغنية دفع نصيبها العادل من الأزمة التي تتحمل مسؤولية كبيرة عنها.
ويعتقد الكاتب أن مؤتمر شرم الشيخ يعطي سببًا للأمل حيث إن الوفود المشاركة عازمة على إنجاحه، مؤكدًا على أن التكيف مع المناخ وأشكال التعاون الجديدة تكتسب زخمًا، والاستثمار في تكنولوجيا المناخ بدأ في الازدهار.
وأشار إلى أن ذلك يتضمن تقنيات إزالة الكربون الجديدة وحلول النقل الكهربائي والطاقات المتجددة. فنتيجة لذلك، تستمر أسعار الطاقة النظيفة في الانخفاض، مشيرًا إلى أن ما يقرب من ثلثي الطاقة المتجددة المضافة في دول مجموعة العشرين في عام 2021 يكلف أقل من أرخص الخيارات التي تعمل بالفحم.
وقال في ختام مقاله: "هناك حاجة إلى مزيد من الطموح والسرعة، وتظل القواعد غير واضحة أو محل خلاف. ولكن هناك عملية جارية ولا عودة إلى الوراء. حتى في البلدان التي قد يبدو أنها تتأرجح في التزاماتها - فعلى سبيل المثال ، من خلال الاستثمار في البنية التحتية للوقود الأحفوري - يصر المسؤولون على أن التدابير المؤقتة التي تقتضيها التحديات الفورية لا ينبغي أن يخلط بينها وبين الاستراتيجيات طويلة الأجل، فلا أحد يشك في الطريق الأكثر اخضرارً في المستقبل".
من جانبها، نشرت صحيفة "ميل آند جارديان" الجنوب أفريقية مقالًا بعنوان: "مؤتمر المناخ القادم والتركيز على أفريقيا" بقلم الكاتب "تيم سكيلس" الذي أكد أن التجمع العالمي المقبل لتغير المناخ في مصر يعد فرصة لتعزيز الالتزامات والتمويل لمصادر الطاقة المتجددة.
ووضح الكاتب أنه بينما تستعد مصر لاستضافة مؤتمر للأمم المتحدة للمناخ 2022، يتم التركيز مرة أخرى على التحديات الهائلة التي تواجهها إفريقيا في معالجة تغير المناخ والفرص التي قد توجدها.
وقال: "تعد قارة أفريقيا موطنًا لسدس سكان العالم وهي تمثل أقل من 6٪ من استهلاك الطاقة العالمي و2٪ فقط من الانبعاثات العالمية التراكمية. ومع ذلك، فإن تأثيرات تغير المناخ هي بالفعل أكثر عمقًا في القارة مما هي عليه في أجزاء أخرى من العالم مع وجود سبع من البلدان العشر الأكثر ضعفًا في العالم في إفريقيا".
وبيّن أنه نظرًا لأن القارة تتطلع إلى سد الفجوة الهائلة بين الطلب والعرض في قطاعي الطاقة والبنية التحتية (والتي من المقرر أن تتسع فقط مع استمرار النمو السكاني وتسريع التحضر)، فإن الموارد والتقنيات التي تختار الحكومات الأفريقية نشرها سيكون لها تأثير كبير على الجهود المبذولة للتصدي لتغير المناخ العالمي.
ويرى الكاتب أنه يتعين على صانعي السياسات في عدد من الدول الأفريقية تحقيق توازن بين استخدام و/أو تحويل موارد الوقود الأحفوري الوفيرة لديهم والاستجابة للضغط المتزايد لتبني التكنولوجيا المتجددة وإزالة الكربون.
وأشار إلى أنه مع سعي الحكومات الأوروبية لإيجاد بدائل للنفط والغاز الروسي واللجوء في بعض الحالات إلى توليد الكهرباء باستخدام الفحم، يمكن النظر إلى تحديات الطاقة التي واجهتها الحكومات الأفريقية على مدى عقود وفرص الموارد التي توفرها القارة من منظور مختلف. ومع ذلك، يظل الانتقال للطاقة النظيفة هدفًا واضحًا عبر القارة.
وأكد في ختام مقاله على أن هناك إمكانات وفرصًا هائلة عبر مجموعة كاملة من الموارد المتجددة (لا سيما الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية) وزيادة اهتمام المستثمرين بالهيدروجين سواء مصدرًا محليًّا للطاقة أو للتصدير.
وفي سياق متصل، نشرت ذات الصحيفة مقالًا بعنوان: "يجب أن يكون مؤتمر الأطراف الأفريقي هو مؤتمر الأطراف للتنفيذ" بقلم الكاتب "ريتشارد كالاند" وهو أستاذ مشارك في القانون العام بجامعة كيب تاون.
وطرح الكاتب في بداية مقاله تساؤلًا مفاده: كيف يبقى المرء متفائلاً في زمن الأزمات العميقة والمظلمة؟
ويرى الكاتب أنه من الصعب في كثير من الأحيان أن يظل المرء متفائلا، مشيرًا في هذا الصدد لأزمتي المناخ وجائحة كورونا اللتين أدتا إلى زيادة مستويات الفقر وعدم المساواة بالإضافة إلى انعدام الأمن الجيوسياسي الناجم عن الحرب الروسية-الأوكرانية والتأثير الضار على أسعار الطاقة العالمية.
وفي الوقت نفسه وضح الكاتب أنه إذا كان الرد العقلاني على الحقائق هو أن نكون متشائمين بشأن المستقبل، فإن التخلي عن الأمل يعني قبول فكرة حياة الإنسان على كوكب سيء مما يؤدي إلى عكس مكاسب التنمية البشرية التي تحققت على مدار العقود المنصرمة.
وقال الكاتب إن مؤتمر المناخ القادم يجب أن يحمل فكرة "مؤتمر الأطراف الأفريقي". كما يجب أن يكون "مؤتمر الأطراف للتنفيذ" بناءً على التقدم المحرز في مؤتمر جلاسكو العام الماضي حيث تسبق الحلول العملية الشعارات.
وأضاف أن هذا يعني التركيز على الركائز الرئيسة التي نراها وهي التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ والأموال اللازمة للتكيف؛ وهل يمكننا مضاعفة ما نحصل عليه وهل يمكننا صرفه وهل يمكننا وضعه في خطوط الأنابيب والبرامج والتحولات التي نقول إنها ضرورية لخفض درجة حرارة الأرض بنسبة 1.5 درجة سيليزية.
ويعتقد الكاتب بأن مؤتمر شرم الشيخ ربما يتعين عليه أيضًا أن يناقش قضايا السلام والأمن لأن الصراع في أوكرانيا يجب ألا يكون عائقًا أمام العالم في سعيه الملحّ لعلاقة أكثر استدامة جذريًّا بين الناس والكوكب بالإضافة لأزمة الطاقة التي تمثل "صدمة كبيرة لأوروبا" ولها تأثير سلبي على الأمن الغذائي في إفريقيا.
ويرى أنه في حالة فشل المؤتمر في تحقيق الأهداف الموضوعه له، فإن الثقة لن تتركنا في مكان جيد لمؤتمر الأطراف القادم في عام 2023، والتي من المفترض أن تكون بمثابة "تقييم" متوسط المدى للتقدم المحرز حول اتفاقية باريس للمناخ.
/العُمانية/
أحمد صوبان