جزيرة "آلدابرا" في سيشل... ملاذٌ آمنٌ لأكبر تجمع من السلاحف العملاقة في العالم.. النشرة الدولية
فيكتوريا في 14 يناير/العمانية/ تعتبر جزيرة "آلدابرا" المرجانية التابعة لدولة سيشل في غرب المحيط الهندي أكبر جزيرة مرجانية مرتفعة في العالم. وتمثل هذه التسمية تحريفا للكلمة العربية "الخضراء" التي أطلقها على الجزيرة بحارة عرب كانوا أول من وطئها قبل مجيء الأوروبيين وفي مقدمتهم البرتغاليون. وتشير التسمية في أغلب الظن إلى خضرة مياه البحيرة المحيطة بالمرتفع.
تقع هذه الجزيرة في الجزء الجنوبي الغربي من سيشل على بعد نحو 420 كيلومترا إلى الشمال الغربي من مدغشقر والشمال الشرقي من أرخبيل القمر ونحو 640 كيلومترا إلى الشرق من تنزانيا. وهي ممتدة على 34 كيلومترا طولا و14 كيلومترا عرضا في حين تصل مساحة الأراضي المرتفعة عن سطح الماء زهاء 155 كيلومترا مربعا. ويعتقد العلماء أن مستوى البحر في الشعاب المرجانية ل "آلدابرا" كان مرتفعا بعشرة أمتار قبل أن يتراجع ليبدأ ارتفاع يابسة الجزيرة قبل نحو 100 ألف سنة.
وتمثل "آلدابرا" مكان التعشيش الرئيس في المحيط الهندي للسلحفاة الخضراء، بالإضافة إلى كونها تأوي أكبر عدد من السلاحف العملاقة في سيشل. وقد سمحت عزلتها وغياب النشاطات البشرية الدائمة عليها للأجناس الحيوانية والنباتية بتطوير شكل من التوطن جعل بعض طيورها عاجزة عن التحليق خارج جزر المحيط الهندي الغربي.
وتوفر الجزيرة المحاطة بالشعاب المرجانية ملاذا آمنا لنحو 152 ألف سلحفاة برية عملاقة تمثل أكبر تجمع لهذه الزواحف على ظهر الكرة الأرضية؛ وتعتبرها اليونسكو حاضنة لأهم المواطن الطبيعية لدراسة العمليات البيئية والتطور. كما أن ثراء وتطور المحيط والتضاريس من حولها يخلقان مزيجا من الألوان والتشكيلات التي تسهم في جاذبيتها الجمالية والبانورامية.
ويتكون الجزء الأكبر من سطح أرض الجزيرة من شعاب مرجانية قديمة يعود تاريخها إلى قرابة 125 ألف سنة؛ وقد ارتفعت عدة مرات فوق مستوى البحر. وتتربع على هرم السلسلة الغذائية في هذا المكان السلحفاة العملاقة التي تتغذى على الأعشاب والشجيرات، وخاصة النباتات التي تطورت استجابة لهذا النمط من الرعي.
وتأوي "آلدابرا" أكثر من 400 جنس من الأجناس المتوطنة ما بين فقاريات ولافقاريات ونباتات على رأسها أكبر تجمع من السلحفاة العملاقة في العالم التي يقدر عددها بـ 100 ألف فرد، فضلا عن عدة أنواع من السرطانات وتجمعات كبيرة من الطيور المائية التي يمثل الموقع مكانا مهما لتعشيش 10 أصناف منها.
ويسمح النظام البيئي هنا أيضا بتكاثر أجناس أخرى مهددة بالانقراض تشمل السلحفاة الخضراء أو سلحفاة الصقر. أما الثدييات الوحيدة المتوطنة في الجزيرة فيمثلها صنفان من الخفافيش آكلة الحشرات بينما تشمل الحيوانات المائية أجناسا كثيرة من الأسماك في طليعتها أسماك القرش. ويطغى على الغطاء النباتي للموقع شجر المانغروف ضمن غابات لا يتجاوز ارتفاع أشجارها أربعة أمتار.
وحصل الموقع على وضع "محمية طبيعية" منذ 1981 ثم الانضمام لقائمة التراث العالمي لليونسكو في 1982 قبل أن يتم تصنيفه "منطقة رطبة ذات أهمية دولية" (رامسار) في 2010.
ونظرا لمناخها الجاف وانعدام المياه العذبة فيها، لم تحظ "آلدابرا" أبدا بوجود بشري دائم، حيث يقتصر مرتادوها على الصيادين وعمال المحمية الطبيعية والعلماء الباحثين والسائحين. وقد بدأ اهتمام العلماء بها في نهاية القرن التاسع عشر عندما لوحظ التهديد المحدق بالسلاحف العملاقة بسبب صيده المفرط.
وفي 1955، قام عالم المحيطات الفرنسي /جاك-إيف كوستو/ وفريق العلماء المرافق له بالغوص في البحيرة المحيطة بالجزيرة بغرض تصوير الفيلم الوثائقي "عالم الصمت" الصادر في السنة التالية. لكن المكان لم يذكر باسمه وإنما بعبارة "جزيرة مهجورة".
وتتمثل التهديدات التي تواجهها "آلدابرا" حاليا في تكاثر حيوانات دخيلة مثل الفئران والخنازير والبق، ناهيك عن ارتفاع منسوب البحر وارتفاع درجات حرارة سطح الماء والتآكل الشاطئي والصيد المفرط والحرائق والوجود البشري والتلوث الناجم عن المحروقات...
وبحسب دراسة حديثة، هناك تخوف كبير من تلوث بلاستيكي كبير نظرا لوجود ما لا يقل عن 550 طنا من هذه المادة 83% منها من معدات الصيد غير المستخدمة.
/العمانية/
س ش