سرطان الثدي...ناجيات ومحاربات يوقدن مشاعل الأمل
الخرطوم في 7 نوفمبر/العُمانية-(فانا)/في شهر أكتوبر أو (أكتوبر الوردي) يُتاح لنساء ناجيات من سرطان الثدي طيّ صفحة معاناتهنّ، والحديث بصوت عال لإظهار جانب القوة الكامنة في شخصياتهن وإصرارهن على مقاومة المرض.
وبمناسبة اليوم العالمي للتوعية بأهمية الكشف المبكر للوقاية من سرطان الثدي، كان من المهم استصحاب تجربة ناجيات من المرض يرسمن خيوط الشمس المشرقة بأمل وحب في نفوس بعض مريضات سرطان الثدي.
ويطل علينا أكتوبر الوردي من كل عام للتوعية بأهمية الفحص المبكر في العالم أجمع وللتنبيه بمخاطر المرض.وتركز الحملات الصحية في جميع أنحاء العالم على تثقيف الناس عموما والنساء بالأخص عن الوقاية من سرطان الثدي وعلاجه.
وتعد الناجيات نساء صامدات انتصرن على المرض وتغلبن على الخوف ونهضن من الآثار النفسية بأمل جديد وأصبحن مشاعل للتوعية بأهمية الكشف المبكر ورفع الوعي بتجاربهن ويعطين الأمل لكل المصابات بأنهن أقوى وينتصرن بإذن الله.
واستضافت /وكالة السودان للأنباء/ عددا من الناجيات من سرطان الثدي، تحدثن عن تجاربهن في الحياة وكيف أنهن يحاربن من أجل أبنائهن ويكافحن الألم ويصارعن المرض فلهن التحية كأمهات محاربات وقويات ومكافحات بل ومقاتلات٠
وتحكي رفيعة إبراهيم التى تسكن حي النيل بنيالا بجنوب دارفور بغرب السودان أنها أصيبت بسرطان الثدي في عام ٢٠١٦، واكتشفته بسبب وجود حبة مثل (حبة البن) ظهرت بعد فطامها لرضيعها وقالت بعد إجراء موجات صوتية ظهر ورم حميد إلا أن عمتي ألحّت عليّ بإجراء العملية وبعد مرور شهرين أخذوا العينة وتم فحصها مرة أخرى في الخرطوم وكانت النتيجة ورمًا خبيثًا وطلب الطبيب مني التحدث لأحد أفراد العائلة وإخطارهم بالنتيجة، فرفضت وأخبرته بأنني لست خائفة وراضية بقدر الله فأبلغني أن الورم خبيث وعند إخبار أهلي تحول منزلنا لبيت عزاء وتأثرت كثيرا ومرضت لمدة ١٥ يوما وتم تحويلي للخرطوم وأجريت لي عملية إزالة الثدي.
وأضافت أن البداية كانت صعبة ولكن عندما رأيت حالات لمريضات أخريات حمدت الله وقلت أنا بخير، أخذت العلاج وفي رحلتي للاستشفاء تعرفت على أناس ومناطق كثيرة وأجريت عدة فحوصات بالسودان ومصر وأظهرت النتائج أنني تعافيت.
وبعد هذه التجربة والتعافي الآن أمارس تجارة الأواني المنزلية في الحي وفي فصل الخريف أعمل بالزراعة وتضيف أنه لديها ٤ أبناء تعمل على تعليمهم ليصبحوا أطباء لمساعدة المرضى و(المرض ما بيتخاف منه وهو شيء كتبه الله).
وفي الدمازين بإقليم النيل الأزرق قالت ابتهاج عبدالله 44 عاما موظفة بوزارة الثقافة والإعلام وأم لثلاثة أبناء : في العام ٢٠١٦ أحسست بطعنات متكررة في الجزء الأيسر أعلى مقدمة الثدي ولم أتوقع وجود علاقة بينها والثدي، كنت خائفة أن يكون هناك مرض بالقلب، وكل ما تأتيني الطعنة أقول ربما من الجلوس غير الصحيح وأتعذر بأعذار حتى أطمئن نفسي وأصبحت تتكرر واستشرت بعض الزميلات ونصحنني بعمل خلطات بلدية (عجين مر)، وفعلا أحسست براحة، لكن الألم تكرر وضعفت صحتي.أحسست بألم شديد وذهبت لمقابلة طبيب القلب لإجراء رسم للقلب اتضح أنه ليس هناك إشكالية في القلب، وبعد فترة من الزمن رجعت الآلام كسابق عهدها.
ذهبت لطبيب آخر وتم إجراء الفحص السريري وفعلا شك الطبيب في الألم وطلب إجراء موجات صوتية، وانتابني شعور بالقلق عندما نظرت للطبيب وشعرت بالارتباك لطريقة نظره للفحوصات وسألته هل هنالك شيء، وكرر الفحص عدة مرات، وظهرت النتيجة وقال هناك كتلة صغيرة بالثدي وفق الموجات الصوتية وليس هناك شيء مخيف، ولكن من الأفضل السفر للخرطوم لمزيد من التأكيد، في تلك اللحظة خفت وتوترت وانتابتني حالة بكاء وقلت سوف أموت وأفقد أولادي وأهلي وزوجي، أخذت الصورة ورجعت إلى البيت وتحول المنزل لبيت عزاء.
أتيت إلى الخرطوم وذهبت لأخصائي جراحة الثدي د. معاوية علي دبور وقال إن نسبة الورم ٥٠ بالمائة حميد و٥٠ بالمائة خبيث وانتابني خوف وهلع، وفي نوفمبر ٢٠١٦ أجريت لي عملية إزالة الثدي وكانت ناجحة.
وبدأت رحلة العلاج الكيماوي بمركز الخرطوم للأورام وأخذت الجرعة الأولى وكانت العلاجات متوفرة، وبعد أن أخذت الجرعة الثانية بدأت أشعر بتغيير في صحتي وكانت صعبة وظهرت فيها آثار تساقط الشعر والرموش، وكنت حريصة ألا يراني أحد، وتجاوزت هذه المرحلة بدعم ودعوات الأسرة، على الرغم من صعوبة الجرعة ولكني تخطيتها بصبر وإيمان وأكملت العلاج على مرحلتين كل مرحلة ٤ جرعات وفي المرحلة الأولى كان العلاج قويا،أما في المرحلة الثانية فالجرعة أخف من الأولى فبدأ اللون والشعر يعودان تدريجيا، ثم انتقلت للمتابعات كل ٣ أشهر، ثم 6 أشهر، ثم سنة.
وفي الختام وجهت ابتهاج رسالة للنساء مفادها أن (الفحص المبكر حياة) وعند الشعور بألم في الثدي لابد من مراجعة الطبيب خاصة وأن العلاجات أصبحت متطورة، لا تسمحي للمرض يستفحل في جسمك واتركي الخجل لكي لا تؤذي نفسك.
والتقينا أيضا بشذى دفع الله إحدى الناجيات من السرطان وقالت إن المرض ليس عيبا وهو أمر رباني ولا داعي للخجل منه، ووجهت رسالة للمرأة وللمريضات بالكشف المبكر حتى لا يصل المرض لمراحل متأخرة وهذا من أجل أسرهن الكبيرة والصغيرة وأضافت أن المريض في هذه المرحلة يحتاج للدعم من الأطباء والعائلة، وأشادت بالناجيات ووصفتهن بالقويات.
ومن الناجيات دعاء عبد الله حيث قالت: بالعزيمة والقوة سوف تتعافى المريضات والمرض لا يقتل وهو ليس نهاية الحياة وطالبت النساء بعدم السكوت عند ظهور أي حبة في الثدي خوفا من المرض والمجتمع، موجهة النساء بالنظر لعائلتهن وأطفالهن وكيف سيكون حالهم بدونك، لذلك لابد من الكشف المبكر للمرض تفاديا لمضاعفاته، مشددة على ضرورة التوعية وأن الكشف المبكر هو العلاج.
وشهد السودان تدشين عدة فعاليات للتوعية نظمتها العديد من المستشفيات وأفرع الصندوق القومي للتأمين الصحي بالولايات بمشاركة منظمات المجتمع المدني وأفرع منظمة (صدقات) وكاف للتنمية ومبادرون شباب من أجل التوعية وعين النبوية ومبادرة الإعلامية لمياء متوكل التي جابت المدن والقرى للتوعية بأهمية الكشف المبكر والفحص الذاتي للثدي.
وخلال تدشين فعاليات التوعية بمستشفى الخرطوم لعلاج الأورام الذي يتم الاحتفال به سنويًّا في شهر أكتوبر، كشف مدير عام المستشفى الخرطوم د.أحمد عمر أن عدد حالات التردد بسرطان الثدي بلغ (٩٥٢) حالة، مشيرا إلى أنه يحتل المرتبة الأولى بين أنواع السرطانات والأكثر شيوعا. وشدد على ضرورة الكشف المبكر للمرض لإسهامه في تسهيل عملية الشفاء بنسبة عالية، كاشفا عن أنواع المرضى وهم، الناجون الذين تم شفاؤهم والمحاربون وهم الذين يتلقون العلاج.
واستعرض أعراض المرض وتشمل تغيرا في لون حلمة الثدى وشكلها وآلام الإبطين ونزول إفرازات من حلمة الثدي مع وجود كتلة بالثدي أو الإبط وتغير بالجلد فوق الثدي وزيادة السُمك وتغير حجم الثدي ووجود تقرحات.
وأشار الدكتور أحمد إلى أن التشخيص يتم بعدة طرق منها الكشف السريري والأشعة التشخيصية وأشعة الثدي والموجات الصوتية والرنين المغناطيسي. ويحدد الكادر المختص أي نوع من العلاج يناسب المريض أو صاحب الشكوى مؤكدا استمرار الفعاليات التي تتضمن إقامة يوم مفتوح بساحة الحرية بالخرطوم وبرنامج ترفيهي وتثقيفي وماراثون رياضي. وأشاد بالجهود المبذولة من العاملين بالمستشفى رغم المشاكل والصعاب.
من جانبها قالت رئيس قسم الباحث الاجتماعي أماني منان إن التوعية بسرطان الثدي تتركز في العواصم الولائية أما في المناطق النائية فتصل التوعية متأخرة لافتة لأهمية التوعية بالمرض للمرأة والمجتمع المحيط بها مشيرة إلى ضعف التوعية والخوف من الوصمة الاجتماعية لأن الوعي بالمرض له أثره في ارتفاع نسبة الشفاء وأن دور الباحث الاجتماعي يكمن في مساعدة المرضى بعمل دراسة اجتماعية واقتصادية لحل المشاكل الاجتماعية التي تؤثر سلبا عليهن.
وحذرت مديرة منظمة المرأة للوقاية والرعاية من السرطان الأستاذة خالدة كمال من تناول حبوب التسمين لدورها في الإصابة بمرض السرطان وخاصة سرطان المستقيم بسبب التحاميل عن طريق المستقيم مناشدة المرضى للذهاب للمستشفى وعدم اللجوء للدجالين والمشعوذين مما يتسبب في انتشار المرض وعدم السيطرة عليه لافتة إلى أن الوصول المبكر للمستشفى يعتبر علاجا مشيرة إلى أن معظم المرضى من الولايات.
وتحدثت خالدة عن تجربتها مع الإصابة بسرطان الثدي وتلقيها العلاج في مستشفى الخرطوم وذلك في عام ٢٠٠٠ مطالبة المرضى بالإيجابية للاستجابة للعلاج.
ولمنظمة "صدقات" الخيرية دورها في تعزيز التوعية وإقامة فعاليات حول المرض كل عام وهذا العام يأتي الاحتفال تحت شعار "عشان بنحبك" لتكثيف التوعية بأهمية الكشف الذاتي والفحص المبكر للسرطان وكانت فعالية ماراثون 2000 خطوة للتوعية بالفحص المبكر لسرطان الثدي،بجانب ورشة للكوادر الطبية وتدريب الأطباء على إجراء الفحص المبكر وإقامة ورشة مناصرة مجتمعية لدعم قضايا مرضى سرطان الثدي،بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني ونجوم المجتمع...وهم يرددون شعارات: (الكشف الذاتي حياة..اكشفي بدري، اكشفي وطمنينا عليك).
واستهلت منظمة (صدقات) شهر أكتوبر بتوقيعها على مذكرة تفاهم مع منظمة (كافا) للتنمية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للسكان لتنفيذ أنشطة للتوعية بالمرض.
وأكتوبر الوردي مبادرة عالمية بدأ العمل بها على المستوى الدولي في أكتوبر عام 2006 وتقوم مواقع حول العالم بإتخاذ اللون الزهري أوالوردي كشعار لها؛ من أجل التوعية بمخاطر سرطان الثدي ويتم عمل حملة خيرية دولية لرفع التوعية والدعم وتقديم المعلومات والمساندة ضد المرض.
/العُمانية/
محمد السيفي