الأخبار

جدري القرود يضاعف أزمات العالم الصحية
جدري القرود يضاعف أزمات العالم الصحية

عواصم في ٢٣ مايو / العُمانية / تتجه أنظار العالم إلى متابعة مستجدات مرض "جدري القرود" منذ الإعلان عن اكتشاف إصابات به في العديد من الدول وبات مصدرًا جديدًا للقلق في ظل عدم تعافي العالم من فيروس كورونا "كوفيد 19".

يُشار إلى أنه خلال الأيام الماضية تم رصد حالات إصابة بـ"جدري القرود" في: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا والسويد وكذلك في الولايات المتحدة وكندا وأستراليا.

وتلقت منظمة الصحة العالمية يوم السبت الماضي تقارير من 12 دولة تؤكد إصابة 92 شخصا بمرض «جدري القرود»، تبعها وجود 28 حالة أخرى يشتبه أنها مُصابة بالمرض مع توقعها بظهور مزيد من الحالات عالميا.

وفي السياق ذاته فمنظمة الصحة العالمية توقعت رصد المزيد من حالات الإصابة بجدري القرود وتوسع نطاق المراقبة في البلدان التي لم يعرف فيها المرض حتى الآن ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المرض بأنه " مثير للقلق، و يجب أن يثير قلق الجميع" مضيفا أن مسؤولي الصحة الأمريكيين يبحثون مسألة اللقاحات والعلاجات المحتملة.

وعن الجهود المبذولة في المملكة المتحدة للحد من المرض ، تواصل وكالة أمن الصحة وخدمة الصحة الوطنية تحقيقاتها في انتشار حالات إصابة، بعدما كشفت أن عدد الحالات تضاعف بشكل كبير، وقالت هيئة مراقبة الأدوية في المملكة المتحدة، إنها تراقب التفشي الحالي، وتعمل مع الشركات لتقديم العلاجات المناسبة على وجه السرعة وأنها تخزن آلاف اللقاحات والعلاجات لجدري القرود.

وفي إسبانيا تم تأكيد إصابة 7 أشخاص وتتم مراقبة واختبار عشرات الحالات الأخرى، وفي البرتغال تم تأكيد 5 حالات على الأقل حسب وسائل الإعلام البرتغالية، ويعد جدري القرود من الأمراض المعدية التي عادة ما تكون خفيفة ومتوطنة في أجزاء من غرب ووسط أفريقيا.

وينتشر عن طريق الاتصال الوثيق، لذلك يمكن احتواؤه بسهولة نسبيا من خلال تدابير مثل العزلة الذاتية والنظافة الشخصية، وقال ديفيد هيمان المسؤول بمنظمة الصحة العالمية لوسائل الإعلام إن لجنة دولية من الخبراء اجتمعت عبر الاتصال المرئي للنظر فيما تلزم دراسته حول تفشي المرض وإبلاغه للجمهور، بما في ذلك ما إذا كان هناك أي انتشار دون أعراض، ومن هم الأكثر عرضة للخطر، والطرق المختلفة للانتقال.

وكشفت منظمة الصحة العالمية، عن مدى انتشار مرض "جدري القرود" في دول إقليم شرق المتوسط، بعدما أثار قلقًا دوليًّا وسط مخاوف من احتمال زيادة عدد الإصابات خلال أشهر الصيف، ويأتي هذا في الوقت الذي يركز العلماء جهودهم على كشف كل المعلومات المتعلقة بالفيروس، ما يسهل عملية مواجهته، بعد تسجيل حالات في عدة دول متفرقة.

وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الدول المعنية، بما في ذلك تحديد المصدر المحتمل للعدوى، وكيفية انتشار الفيروس، وكيفية الحد من انتقال العدوى إضافة إلى التوجيه والدعم بشأن المراقبة والاختبار والوقاية من العدوى ومكافحتها، والإدارة السريرية ورفع الوعي بشأن المخاطر، والمشاركة المجتمعية.

واكتشفت الولايات المتحدة أول حالة لديها هذا العام بعد أن ثبتت إصابة رجل في ولاية ماساتشوستس بعد سفره إلى كندا كما تحقق السلطات الصحية في مدينة نيويورك في حالة محتملة بعد أن ثبتت إصابة مريض في مستشفى في مانهاتن، وكانت الولايات المتحدة قد سجلت حالتي إصابة بجدري القرودعام 2021، وكلتا الحالتين متعلقتان بالسفر من نيجيريا.

وحسب منظمة الصحة العالمية يعد جدري القرود مرضًا فيروسيًّا نادرًا و حيواني المنشأ (يُنقل فيروسه من الحيوان إلى الإنسان) وتماثل أعراض إصابته للإنسان تلك التي كان يشهدها المرضى المصابون بالجدري في الماضي، ولكنه أقل شدّة.

وقد كُشِف لأوّل مرّة عن هذا الفيروس في عام 1985 بالمعهد الحكومي للأمصال الكائن في كوبنهاغن، الدانمرك، أثناء التحري عن أحد الأمراض الشبيهة بالجدري بين القرود، ولقد كُشِف عن جدري القرود لأول مرّة بين البشر في عام 1970م بجمهورية الكونغو الديمقراطية لدى صبي عمره 9 سنوات كان يعيش في منطقة استُؤصِل منها الجدري في عام 1968م.

وأُبلِغ منذ ذلك الحين عن حدوث معظم الحالات في المناطق الريفية من الغابات الماطرة الواقعة بحوض نهر الكونغو وغرب أفريقيا، وخصوصا في جمهورية الكونغو الديمقراطية التي رُئِي أنها موطونة به، والتي اندلع فيها تفشٍّ كبير للمرض في عامي 1996 و1997، وأُبلغ في خريف عام 2003م عن وقوع حالات مؤكّدة من جدري القرود في المنطقة الغربية الوسطى من الولايات المتحدة الأمريكية، ما يشير إلى أنها أولى الحالات المُبلّغ عنها للإصابة بالمرض خارج نطاق القارة الأفريقية.

وتنجم العدوى بالمرض من الحالات الدالة عن مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة أو سوائل أجسامها أو آفاتها الجلدية أو سوائلها المخاطية، وقد وُثِّقت في أفريقيا حالات عدوى نجمت عن مناولة القرود أو الجرذان الغامبية الضخمة أو السناجب المصابة بعدوى المرض، علماً بأن القوارض هي المستودع الرئيس للفيروس؛ وحدّدت الدراسات - التي أُجرِيت مؤخراً عن الحيوانات في إطار بحث نموذج انتقال جدري القرود من كلاب البراري إلى الإنسان - طورين مختلفين من الفيروسات هما طور فيروسات حوض نهر الكونغو وطور فيروسات غرب أفريقيا علما بأن الطور الأول أشد انتشارًا

وتتراوح فترة حضانة جدري القرود – وهي الفترة الفاصلة بين مرحلة الإصابة بعدواه ومرحلة ظهور أعراضها - بين 6 - 16 يوماً، بيد أنها يمكن أن تتراوح بين 5 أيام و21 يوما، ويُصاب بعض المرضى بتضخّم وخيم في العقد اللمفاوية قبل ظهور الطفح، وهي سمة تميّز جدري القرود عن سائر الأمراض المماثلة.

وعادةً ما يكون جدري القرود مرضا محدودا ذاتيا وتدوم أعراضه لفترة تتراوح بين 14 و21 يوما، ويُصاب الأطفال بحالاته الشديدة على نحو أكثر شيوعا حسب مدى التعرض لفيروسه والوضع الصحي للمريض وشدة المضاعفات الناجمة عنه.

وبينت منظمة الصحة العالمية أنه لا توجد أيّة أدوية أو لقاحات مُحدّدة متاحة لمكافحة عدوى جدري القردة، ولكن يمكن مكافحة تفشّيه، وقد ثبت في الماضي أن التطعيم ضد الجدري ناجح بنسبة 85 بالمائة في الوقاية من جدري القرود، غير أن هذا اللقاح لم يعد متاحا لعامة الجمهور بعد أن أُوقِف التطعيم به في أعقاب استئصال الجدري من العالم، وعلى الرغم من ذلك فمن المُرجّح أن يفضي التطعيم المسبق ضد الجدري إلى أن يتخذ المرض مسارا أخف وطأة.

ويعد فرض قيود على تجارة الحيوانات من أهم وسائل الوقاية من اتساع نطاق انتشار جدري القرود بحيث تسهم عمليات تقيد نقل الثديات الأفريقية الصغيرة والقرود أو فرض حظر على نقلها إسهاما فاعلا في إبطاء وتيرة اتساع نطاق انتشار الفيروس إلى خارج أفريقيا.

كما وينبغي ألا تُطعّم الحيوانات المحبوسة ضدّ الجدري، بل ينبغي عوضا عن ذلك عزل تلك التي يُحتمل أن تكون مصابة منها بعدوى المرض عن الحيوانات الأخرى ووضعها قيد الحجر الصحي فورا.

وينبغي أيضا وضع جميع الحيوانات التي قد تخالط أخرى مصابة بعدوى المرض قيد الحجر الصحي ومناولتها في إطار اتخاذ التحوطات المعيارية وملاحظتها في غضون 30 يوما للوقوف على أعراض إصابتها بجدري القرود ويجب تجنب المخالطة المباشرة للمرضى أثناء اندلاع تفشيات جدري القرود البشرية للوقاية من خطورة الإصابة بعدوى هذا المرض.

وفي ظل غياب علاج أو لقاح محدّد لمكافحته، يتوجب تثقيف الناس بشأن التدابير التي يمكنهم اتخاذها للحد من معدل التعرّض له، وينبغي أن تُركزّ رسائل التثقيف بشؤون الصحة العمومية على تجنّب المخالطة الجسدية المباشرة للمصابين بعدوى جدري القرود، ولا بد من ارتداء قفازات ومعدات حماية عند الاعتناء بالمرضى، كما ينبغي الحرص على غسل اليدين بانتظام عقب الاعتناء بهم أو زيارتهم.

ومن بين الإجراءات الواجب اتّباعها ارتداء قفازات وغيرها من ملابس الحماية المناسبة عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها الحاملة للعدوى وأثناء ممارسات ذبحها.

/ العُمانية /

مدين البلوشي