عمّان، في 24 فبراير /العُمانية/يقدم الناقد الأردني د. سلطان الزغول في كتابه "على ضفتي نهر النقد" رؤيته للنظرية النقدية بضفتيها؛ الأولى التي تمثل انغلاق النّصّ عن محيطه، والأخرى المنفتحة على السّياقات والجذور، معلنًا في كتابه انحيازه للضفة المنفتحة التي تمثل رؤية ما بعد البنيوية.
ويتألّفُ الكتاب الذي صدر أخيرا عن وزارة الثقافة الأردنية من أربع دراسات، تتناول مفاصل أساسيّة في النَّظرية النّقديّة الحديثة، إذ يتعرّض المؤلف للبنيويَّة التي ترى النَّصّ بنية منغلقة، قبل أن يعرّج على مصطلح "الشّعريّة" الذي تفرّع عن المدرسة البنيويّة، ثمَّ ينتقل إلى أطروحة نقديّة معارضة تمامًا، هي الأطروحة المقصديَّة التي تقف على الضفة الأخرى وتنظر إلى النّصّ بوصفه نتاجًا قصديًّا للمؤلّف. وينتهي أخيرًا إلى التّناصّ بوصفه حقلَ إنتاج معرفيًّا لا ينقطع عبره أي نصّ عن تاريخه وإرثه وذاكرته المعرفيّة.
ويعاين المؤلف في الدّراسة الأولى، وهي بعنوان "جذور البنيوية ومآلاتها"، إرث المنهج البنيويّ ومرجعياته الفلسفية، والنَّقد الذي وجّه إليه ومآلاته التي انتهى إليها، مشيرًا إلى فرار كثير من أعمدته إلى ما بعد البنيويّة، كما يعرض لتطبيقاته في النَّقد العربيّ الحديثِ.
أما الدّراسة الثانية، فهي بعنوان "مصطلح الشعرية: المفهوم والآفاق"، فيركز فيها المؤلف على الشّعريّة مصطلحًا يمتلك جذورًا عميقة في النَّقد العربيّ القديم، كما يعدّ حقلًا خصبًا في الحداثة الغربيّة. فتعرّض له في التّراث، كما تعرّض لتجلياته في النّقد الحديث: الغربيّ، والعربيّ. ويخلص الزغول فيها إلى أن الشعرية ظلّت تتبلور في النقد الحديث حتى صارت نظرية داخلية للأدب، وموضوعها هو الخطاب الأدبي. فهي لم تعد تقتصر على الشعر وحده.
ثم ينتقل الناقد إلى الضّفة الأخرى من نهر النقد، ليتناول في الدراسة الثالثة، وهي بعنوان "المقصديَّة: بين نظرية المعرفة وآفاق اللغة والأدب"، النَّظريَّةَ التي تعنى بدور صاحب الخطاب ومقاصده، مركّزًا على أطروحة المقاصد والتّأويل التي لا تغفل دور المتلقي، والسّياق الاجتماعيّ والثّقافيّ والسّياسيّ في صياغة النّصّ؛ إذ إن صاحب الخطاب يحدّد مقاصده، لكنّها تندمج بقيود عصره، والسّياق الذي يعيش فيه، وما يتسرّب إلى النّصّ دون إرادة صاحبه.
ويؤكد المؤلف في الدّراسة الرابعة، وعنوانها "ذاكرة النصّ وتناصّ الذاكرة"، أنّ ذاكرة الكاتب هي المحرك الأساسيّ للإبداع عبر التّناصّ، أبرز تجليات النّقد ما بعد البنْيويّ الذي يرى النّصّ حقلًا خصبًا يشتبك بمرجعياته المعرفيّة. ويقول الزغول في هذا الإطار: "لعلَّ توظيف التّناصّ في الدّراسات النّقديّة ما بعد البنيويّة هو الردّ الأكثر شيوعًا على المنهج البنْيويّ الذي انطلق من النّظر إلى النّصّ بوصفه بنية مكتفية بذاتها؛ فهذه الدّراسات تَعدّ النّصّ كتلة من النّصوص السّابقة لتدحض مقولة انغلاق النّصّ واستقلاله".
/العُمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري