الجزائر في 17 فبراير /العُمانية/ في كتاب "القيم والسلوك الاجتماعي عبر الفيسبوك.. دراسة في الاستخدام والأثر" الصّادر عن دار ألفا دوك للنشر بالجزائر، بقلم كل من: د. رمزي جاب الله ود. خلود البكري عبد القادر، رصدٌ لتلك التطوُّرات التكنولوجية الحديثة التي أحدثت، في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم الاتصال، إذ انتشرت شبكة الإنترنت في كافة أرجاء المعمورة، وربطت أجزاء هذا العالم المترامية بفضائها الواسع، ومهّدت الطريق لكافة المجتمعات للتقارب والتعارف، وتبادل الآراء والأفكار والرغبات، والاطلاع على ثقافات العالم وما يدور فيه من أحداث وأخبار.
ويؤكّد الكتاب أنّ مواقع التواصل الاجتماعي، تعدُّ من بين أهمّ الخدمات التي قدّمتها شبكة الإنترنت، والتي ظهرت مع تطوُّر الجيل الثاني من الويب Web2.0، إذ يُعد هذا الأخير جيلًا جديدًا في عالم الاتصال والتواصل لما يتميّز به من المرونة والتفاعلية والخدماتية والعالمية والمشاركة، وأتاحت المضامين والمحتويات والتطبيقات، مفتوحة المصدر، وكذلك السُّرعة الفائقة في تبادل المعلومات، ما بين المتلقي والمرسل، فأصبحت بذلك منصّة اجتماعية ومعلوماتية واسعة أمكن توظيفها في جميع المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والإعلامية وغيرها، وأصبحت هذه المواقع أولوية لدى الأفراد والشركات والمنظمات، وحتى لوسائل الإعلام التقليدية من أجل إيصال رسائلها للآخرين.
ولاقت مواقع التواصل الاجتماعي إقبالًا واسعًا من قِبل المستخدمين، وأصبحت متنفّسًا لكلّ فئات المجتمع، مُتخطّية بذلك النمط التقليدي في التواصل، وهو بقاء الجمهور على حاله في لعب دور المتلقّي، دون أن يكون عضوًا متفاعلًا مع المضامين أو أن يبدي رأيه حول موضوع معيّن أو فكرة معيّنة، بل أتاحت هذه المواقع للمستخدم التفاعل مع كلّ ما يحدث فيها ومن خلالها، وذلك بإرسال الرسائل، واستقبالها معًا، وبطريقة سهلة بعيدة عن القيود المفروضة على وسائل الإعلام الأخرى.
وزادت الخدمات التي تقدّمها مواقع التواصل الاجتماعي للمستخدم من شعبيتها وعالميتها، وكثرت أعدادها وتخصُّصاتها، فظهرت بذلك مواقع تواصل اجتماعي عامّة موجّهة إلى شريحة عريضة من المجتمع، وأخرى خاصّة تهتمُّ بطبقة اجتماعية أو ثقافية معيّنة، أو فئة عمرية محدّدة، أو حتى اهتمامات مشتركة، كمواقع التواصل التي تهتمُّ بالوظائف أو الفن أو الأدب أو الرياضة وغيرها.
ويعدُّ موقع "الفيسبوك" أهمّ هذه المواقع، وأشهرها على الإطلاق، حيث حاز الموقع، في الآونة الأخيرة، على اهتمام كبير من مستخدمي الإنترنت، وارتفع عدد مستخدميه بشكل متسارع، بالإضافة إلى قرب تجاوز معدّل دخوله محرّك البحث العملاق "غوغل"، وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى وجود أكثر من مليار ونصف المليار مستخدم نشط يوميًّا.
ولا يمكن الحديث عن "الفيسبوك" كموقع عادي، بل يمكن القول إنه ظاهرة أذهلت العالم؛ فزيادة على عدد مستخدميه الضخم، يعدُّ من بين أكثر المواقع نموًّا في العالم؛ إذ أكّد المختصُّون أنّ "الفيسبوك" أصبح أحد الأدوات التي يمكنها فتح الحوار بين الناس، وهي بذلك تجاوزت وظيفة التواصل الشخصي إلى كونها آلية ربط فعّالة للبقاء على اتصال دائم.
وقد ارتأى المؤلّفان تقسيم هذا الكتاب إلى فصل أوّل بعنوان "مدخل عام إلى القيم"، تمّ تخصيصه للحديث عن القيم من خلال التطرُّق إلى مفهومها اللُّغوي والاصطلاحي، ومفهوم المصطلح في مختلف العلوم، كالفلسفة والدين وعلم النفس والاجتماع والاقتصاد، وتوضيح الاختلاف بين القيم، كمصطلح، والمصطلحات المشابهة له، ثمّ تبيان مكوّنات القيم وطرق اكتسابها، ومكوّنات القيم المعرفية والوجدانية والسلوكية، وتحديد مصادر اكتساب هذه القيم، مثل الأسرة، والمؤسّسات الدينيّة، والمؤسّسات التربوية، ووسائل الإعلام، واللُّغة، وغيرها، والتطرُّق إلى خصائص القيم ومميّزاتها، وتحديد وظائفها على المستوى الفردي والمستوى الاجتماعي، ووظيفة القيم كمعيار في تحديد السلوك وتوجيهه، وتناول تصنيفات القيم حسب المقصد والعمومية والشدة والإلزام.
أمّا الفصل الثاني، فجاء موسومًا بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي والفايسبوك"، وتمّ تخصيصه للحديث عن مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي، وتطوُّرها التاريخي، وخصائصها، وخدماتها، وكذا التطرُّق لبعض النماذج من مواقع التواصل الاجتماعي، مثل اليوتيوب، والتويتر، ولينكد إن، وجوجل+، وبعد ذلك تطرّق المؤلّفان إلى الفايسبوك، الذي هو محور الدراسة، من خلال تناول نشأته، وخدماته، وتطبيقاته، ثم عرض المؤلّفان على تطبيق الصفحات (المقصود من الدراسة) من خلال تعريفها ورصد الاختلاف بينها وبين التطبيقات الأخرى وتقديم بعض الإحصائيات العامة عن الموقع في العالم، والعالم العربي، والجزائر.
وتمّ تخصيص الفصل الثالث من الكتاب للحديث عن السلوك الاجتماعي للشباب الجامعي، حيث تناول أولًا السلوك الاجتماعي من خلال تحديد مفهومه، وخصائصه، والنظريات المفسّرة له، أمّا الجزء الثاني فقد تحدّث عن الشباب الجامعي من خلال تحديد معاييره النوعية والزمنية والاجتماعية، وصولًا عند تحديد خصائص ومشاكل هذه الفئة.
وخُصّص الفصل الرابع للإطار الميداني للدراسة، وقام الباحثان بتفريغ النتائج وقراءتها وتحليلها والخروج بنتائج تفصيلية، حيث جاء مقسّمًا إلى ثلاثة أقسام تناول القسم الأول منها طبيعة استخدام شباب جامعة باتنة 1 من خلال التطرُّق لعادات وأنماط الاستخدام، وأسبابها، وتفصيل الصفحات كتطبيق.
أما القسم الثاني، فقد خصّصه الباحثان لمعرفة القيم في صفحات الفيسبوك، حسب آراء عيّنة الدراسة، وكذا رصد سلوكهم الاجتماعي مع العائلة، وداخل الجامعة، وفي المحيط العام.
وجاء القسم الثالث لدراسة الفروق والعلاقة والأثر ذي الدلالة الإحصائية بين هذه القيم والسلوك الاجتماعي لشباب جامعة باتنة1.
يُشار إلى أنّ الباحثين: د. رمزي جاب الله ود. خلود البكري عبد القادر، مؤلّفي هذا الكتاب، حاصلان على شهادتي دكتوراه في الإعلام والاتصال من جامعة الجزائر، ويشتغلان في تدريس علوم الإعلام والاتصال بجامعة باتنة (شرق الجزائر).
/العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري