الأخبار

دراسة تكشف تفاصيل صناعة المرايا في مصر القديمة
دراسة تكشف تفاصيل صناعة المرايا في مصر القديمة

لندن في 17 سبتمبر /العُمانية/ حظيت المرايا في مصر القديمة بأهمية كبيرة نظرًا لدورها الثقافي والديني. ومع ذلك، لم يتم إجراء تحقيق شامل في كيفية تصنيعها إلا مؤخرًا. كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة "العلوم الأثرية: تقارير" عن تفاصيل مثيرة حول التقنيات المعدنية التي استخدمها الحرفيون المصريون القدماء في صناعة المرايا.أجرت إليزابيث توماس من جامعة ليفربول تحليلًا معدنيًا لتسعة عشر مرآة مصرية من مجموعات متاحف مختلفة في المملكة المتحدة، تغطي فترة زمنية واسعة من الدولة القديمة إلى العصر المتأخر. استخدمت الدراسة المجهر الإلكتروني الماسح المتقدم المشتت للطاقة.

أظهرت النتائج أن المصريين القدماء استخدموا ثلاثة أنواع رئيسية من السبائك في صناعة المرايا: النحاس الزرنيخي، سبائك النحاس والقصدير، وسبائك ثلاثية من النحاس الزرنيخي مع القصدير. كان هناك اتساق ملحوظ في تكوين هذه السبائك، حيث تم تحليل حوالي 5٪ من الزرنيخ أو القصدير في معظم المرايا، مما يشير إلى درجة عالية من التحكم والتوحيد في عملية التصنيع.هذا الاتساق في التركيب لا يوضح فقط المهارة الفنية لعلماء المعادن المصريين القدماء، بل يثير أيضًا تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الاختيار المحدد للسبائك. يُعتقد أن هذه التركيبة الخاصة قد اختيرت لخصائصها الفيزيائية المثالية، مثل الصلابة والمرونة، بالإضافة إلى اللون الناتج للمعدن، والذي كان ينتج لونًا ذهبيًا أو فضيًا في المرآة النهائية.

إحدى النتائج الأكثر إثارة للاهتمام هي الدليل على تقنية تُعرف باسم "التخصيب السطحي"، التي لوحظت في العديد من المرايا التي تم تحليلها. تضمنت هذه التقنية إنشاء طبقة سطحية غنية بالزرنيخ، مما يعطي المرايا مظهرًا فضيًا، ومن المحتمل أن تكون قد استخدمت لتقليد مظهر المرايا الفضية الأكثر قيمة.يُشير الباحثون إلى أن هذا التخصيب السطحي ربما تم تحقيقه من خلال عملية تُعرف باسم "الفصل العكسي"، وهي تقنية معقدة تتطلب معرفة عميقة بالخصائص المعدنية لزرنيخ النحاس. قد يكون اختيار السبائك التي تنتج انعكاسات ذهبية أو فضية مرتبطًا بالمعتقدات الدينية المصرية، وخاصة ارتباط المرايا بإله الشمس "رع".

كشف الفحص المجهري للمرايا أيضًا عن وجود عملية تصنيع موحدة للغاية تتضمن دورات متكررة من الطرق البارد والتليين. كانت هذه التقنية تزيد من صلابة المعدن، مما يسمح بتلميع أفضل وبالتالي انعكاس أكثر وضوحًا.

يشير اتساق عملية التصنيع هذه عبر فترات تاريخية ومواقع جغرافية مختلفة داخل مصر إلى تقليد حرفي راسخ ومنتشر على نطاق واسع.كما سلط البحث الضوء على صناعة المرايا النموذجية، وهي نسخ مصغرة مخصصة لإيداعها في المقابر كبدائل سحرية للمرايا الحقيقية. والمثير للدهشة أن هذه النماذج تم تصنيعها باتباع نفس عملية تصنيع المرايا بالحجم الكامل، على الرغم من وجود بعض الاختلافات في التركيب التي قد تعكس وظيفتها الرمزية البحتة.

/العُمانية/

طلال المعمري

أخبار ذات صلة ..