الأخبار

رواية عن ثورة الضواحي في قرطبة
  رواية عن ثورة الضواحي في قرطبة

بيروت، في 29 يوليو/ العمانية /تقوم رواية "فتنة الربض" للموريتاني محمد ولد محمد سالم، على تصوُّر عثور الكاتب فجأة نص شارك صاحبُه في أحداث ثورة سكان الأرباض (الضواحي) في قرطبة، التي اندلعت سنة 202 للهجرة ضد الأمير الحكَم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل، ثالث أمراء بني أمية في الأندلس. وهو نص مجهول تماماً ومجهولٌ كاتبه، ولا ذكْر له في أيٍّ من المصادر القديمة.وتكون مهمة الكاتب بعد أن فشل في العثور على أيّ معلومة عن ذلك النص، أن يهذب أسلوبه ويقربه لقارئ اليوم، ويعيد ترتيب الأحداث وتنسيقها انطلاقاً من تقنيات السرد المعاصرة، فيخرجها على شكل رواية حديثة.تحكي الرواية التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر مؤخراً، عن أحداث تلك الثورة، والصراع الذي تأجّج بين الحكَم وأعوانه من جهة وبين بعض رجال الدولة والفقهاء والعامة من جهة أخرى، وحكاية الصداقة العجيبة بين الفقيه طالوت بن عبد الجبار المعافري أحد قادة الثورة وبين الشاب اليهودي النجار حاييم الإشبيلي، الذي أخفى الفقيهَ في منزله بعد الفتنة سنة كاملة، وكذلك حكاية راوي القصة مع أبي أيوب الحداد النصراني، وكان الراوي يعمل فتى ضرّاباً (حدّاداً) في دكان أبي أيوب حين قامت الثورة، ونشط فيها، وقد نشأت بينهما مودة راسخة. وكذلك حكايات الناس الذين شاركوا في الثورة واحترقوا بنيرانها، وما آلت إليه حياتهم من مصائر مؤلمة.

تتلاحق أحداث الرواية في توليفة متشابكة، ترمي بالقارئ في قلب مشاهد الصراع ومنعرجاته ومواقف شخصياته المتعددة، عبر سرد شيّق متواصل. وتُستخدم فيها كل تقنيات السرد الحديثة، ويتم مزج الحادثة التاريخية فيها بالخيال، لترسم صورة لمجتمع قرطبة في تلك الحقبة، وما امتزج فيه من عناصر بشرية متعددة الأعراق والديانات، مركّزة على المشترك الإنساني، وعلى أصالة الحرية البشرية التي ترفض الظلم والاستسلام للأمر الواقع، وتتسلح بالثورة والطموح إلى مستقبل أجمل وأكثر عدلاً.ومن أجواء الرواية نقرأ على الغلاف الأخير: "ضجّت بمقتلهم قرطبة واحتشد الناس من كل حوْماتها وأرباضها، شاخصة أبصارهم نحو ذلك المشهد الرهيب.. أولئك الرجال الكرام، أفلاذ كبد قرطبة الذين أزهقت أرواحهم مرّة واحدة.. ثمانون رجلاً أو يزيدون، ما منهم إلا رجل سيد تتعلق به بيوتات وأتباع أو طلاب كُثر في أرجاء قرطبة، نَزع الحكم أرواحهم ببطشةٍ واحدة ضربتْ صميمَ المدينة".وأيضاً: "ذهب السادة والأشياخ فلم يعد للحياة بعدهم طعم.. توقفت قرطبة في ذلك اليوم عن نشاطها المعتاد، وشُلَّت حركة أسواقها.. انتقل أهلها إلى ضفة النهر حيث صُلب أولئك الرجال.. تكاثر الجنود على الرصيف وعند باب القنطرة، وفي الجهة الغربية إلى نهاية السور، مشكّلين صفوفاً تحرس تلك الجثث المهيبة.. سُمع النحيب في أرجاء المكان حتى خلْنا أن الأرض اهتزت بنا.. غلبتني دمعتي.. كان صَلَف الجند وتعسّفهم في دفعنا بعيداً وضَرْبِنا، يحرق الأكباد، مما جعل الصدور تتوغر، حتى ذهب الرهَب والخوف من النفوس، وكان ذلك أول يوم تجرأنا فيه على الجنود، وعلى الحكم بشكل واضح، وأصبح كلامنا علناً، جهاراً نهاراً".يُذكر أن محمد ولد محمد سالم أصدر سابقاً خمس روايات هي: أشياء من عالم قديم، ذاكرة الرمل، دروب عبد البركة، دحّان، ألاعيب خالد مع كورونا./العمانية / النشرة الثقافية /طلال المعمري

أخبار ذات صلة ..