عمّان، في 29 يوليو/ العمانية /تتسم قصص مجموعة "الحصان" للأديبة الأردنية د. هند أبو الشعر بالتجريب والتجديد والتميّز الفني والجمالي.وبحسب الناقد محمود فليح القضاة، فإن الكاتبة واكبت تطور فن القصة القصيرة على الصعيد النوعي، واستخدمت تقنيات جديدة في سياق القصة الحديثة، فانتقلت كتابتها من القص التقليدي البسيط إلى التجريب والبحث عن أشكال قصصية جديدة.فمن يقرأ مجموعة "الحصان" التي صدرت طبعتها الثانية مؤخراً عن "الآن ناشرون وموزعون"، يجد اهتماماً واضحاً بالقضايا الإنسانية والاجتماعية والقومية، وتثميناً للدور الذي تؤديه المرأة في المجتمع، فكان حضور المرأة كبيراً في قصص المجموعة وبدت بأكثر من صورة، حيث ظهرت بصورة الأم، والابنة، والجدة، والمحبوبة.من جهته، يؤكد الناقد سليم النجار على ارتباط القاصة هند أبو الشعر في كتاباتها عموماً بخطاب البوح والاعتراف، أو ما يسمى "الكتابة من الداخل"، فهي كتابة مشغولة بهواجس الذات ومتصلة بسرد تفاصيل الحياة اليومية.ويوضح النجار أن قصص "الحصان" تستند إلى تكسير الجدار الفاصل بين الحقيقة والوهم، كما كسره بريخت في مسرحه الملحمي، حيث تحرص الكاتبة منذ البداية على إخبار المتلقّي أن عوالم القصص المقدّمة إليه ليست إلّا تخييلاً في تخييل، ومن ثم فهي عوالم من الفرضيات المختلفة والمحتمَلة التي لا تنتمي للواقع.ويمكن القول وفقاً للنجار، إن قصص "الحصان" ترفض مقولة نظرية الإيهام الواقعية، فالواقع كالحصان يركض في فضاء مفتوح، يترك للمتلقي أن يتخيل كما يشاء، أو يتصوّر أن هذا هو الواقع، وفي كلتا الحالتين يبقى الحصان هو المفردة الحقيقية الجدلية في واقعها، والمتخيّلة في ذهن المتلقي.اشتملت المجموعة على العديد من القصص، من بينها: الغزال يركض باتجاه الشمس، صبيحة يوم الجمعة، خمــس دقائــق، الأقدام تمّر مسرعة، المـوت وسـط الزنابـق، الموت في الفضاء الرمادي، التحديق في عينين رائقتين، لعبة الإشارات الضوئية، اللقمــة، أوراق تجمعّت في خريف ما.نقرأ من أجواء المجموعة: "التاسعة وثلاث دقائق.. ماذا يمكن للدقائق الثلاث أن تفعل؟ مجرد دقائق ثلاث لا أكثر ولا أقل.. لكنها لم تأتِ.. دقائق أخرى ستمر.. تموت وهي بعيدة.. قد يموت إنسانٌ ما في هذه الدقائق، تدوسه عربة مجنونة أو ينفجر شريان ما في قمة رأسه.. يتوقف قلبه فيموت.. قد يخنقه الغاز.. تصعقه الكهرباء.. قد.. قد.. قد يولَد آخر، يصرخ في وجه العالم محتجّاً.. يرفع يديه إلى الأعلى بحركات لا ضابط لها، ماذا أيضاً؟ تتفتح وردة برية، تولَد مهرة.. تذبل وردة.. تهبّ عاصفة.. ينكسر قلب.. ويشتعل آخر بالحب.. قد يلتقي اثنان في قطارٍ ما.. في طائرةٍ ما.. في حافلةٍ ما.. أو على قارعة الطريق أو في مكتب، وتبدأ بينهما عاطفة.. قد يقطع رجلٌ علاقته بامرأة.. قد تهجر امرأةٌ حبيبها.. قد يموت طفل أو يتكوّن آخر، يتغير وجه العالم.. تقوم القيامة، يُذبح شعب.. يولَد مخلّص.. قد.. وقد.. وهي لم تأتِ.. لم تأتِ بعد!".يُذكر أن د.هند أبو الشعر أصدرت سابقاً في القصة القصيرة: " شقوق في كف خضره"، "المجابهة"، "عندما تصبح الذاكرة وطنا"، "الوشم"، "مارشات عسكرية"، "أضاعوني". وصدر لها في الرواية: "العتبة". وهي حاصلة على وسام الملك عبدالله الثاني للتميز من الدرجة الثانية، وجائزة "أحسن كتاب صدر سنة 2002" من جامعة فيلادلفيا الأردنية سنة 2003 عن كتابها "شرقي الأردن في العهد العثماني"، وجائزة الدولة الأردنية التقديرية عام 2021 عن مجمل أعمالها في حقل العلوم الاجتماعية والتاريخ./العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري