عمّان، في 29 يوليو/ العمانية/ بإدراج مدينة "أم الجمال" الأثرية، ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، تكون هذه المدينة سابع موقع أردني على هذه اللائحة بعد البترا، وقُصَير عمرة، وأم الرصاص، ووادي رم، والمغطس، ومدينة السلط.وأُعلن عن هذا الإدراج خلال اجتماع لجنة التراث العالمي التابعة للمنظمة الأممية الذي عُقد في الهند مؤخراً. وبحسب اليونسكو، اختيرت "أم الجمال"، لما تضمّنه الملف الخاص بها من قيمة عالمية استثنائية، ولاستيفائه متطلبات السلامة والأصالة ونظام الحماية والإدارة بما يضمن الحفاظ على الموقع.وتعدّ "أم الجمال" الواقعة في محافظة المفرق شمال شرق الأردن، ثالث مدينة نبطية في الأردن بعد البترا وأم الرصاص، ومثّلت امتداداً لحكم الأنباط شمالاً، وعُرفت باسم "الواحة السوداء"، نظراً لصخورها البركانية التي بُنيت بها أروع البوابات الحجرية، أما اسمها اليوم فيعود إلى استخدام الجِمال فيها كوسيلة للتنقل خلال رحلات القوافل التجارية.تقع المدينة التي كانت محطة للقوافل، على مقربة من عدد من الطرق التجارية، أهمها طريق تراجان الذي يربط البترا العاصمة القديمة للأنباط، ببصرى العاصمة الجديدة لمملكتهم. وكذلك الطريق التجاري الذي يعبُر وادي السرحان (ذيوكلتيانوس)، حيث كانت "أم الجمال" إحدى المدن العشر في حلف "الديكابولس" إبان الحكم اليوناني والروماني للمنطقة.أُنشئت "أم الجمال" على طرف وادٍ ينحدر من جبل الدروز باتجاه الجنوب الغربي، وبعمق يصل إلى نحو مئتي كيلو متر، حتى يُؤمّن لها المياه التي تعدّ عاملاً أساسياً للاستقرار الحضاري، لذا انتشرت في المدينة عشرات البِرَك وخزّانات المياه والآبار المحفورة على أطراف الوادي، وجزء منها ما يزال قائماً حتى اليوم.عاش الأنباط في المدينة خلال القرن الأول للميلاد، ثم احتلّها الروم من القرن الخامس وحتى القرن الثامن للميلاد وحوّلوها إلى مدينة زراعية وتجارية، وكانت الديانة الرئيسة فيها هي المسيحية، لذا شُيّدت في المدينة قرابة خمس عشرة كنيسة، أقدمها "جوليانوس"، واحتوت هذه الكنائس على أكثر من طابق، مما يؤكد الأهمية الدينية للمدينة ويكشف عن الرخاء الاقتصادي الذي عاشته في ذلك العصر.وفي القرن السابع للميلاد، فتح المسلمون "أم الجمال" إبان الحكم الأموي، واستمر خلال ذلك بناء الكنائس وترميمها، كما احتفظت المدينة بدورها الديني والاجتماعي، كما هي الحال في المدن والبلدات الأخرى التي فتحها المسلمون وسمحوا للناس فيها بممارسة شعائرهم وبناء بيوت العبادة بحرية، وهذا ما تؤكده العديد من النقوش والكتابات اليونانية التي أرّخت للمنطقة.وكشفت الحفريات التي أُجريت في مبنى الحاكم الروماني في "أم الجمال"، على أن المبنى استُخدم في الفترة الأموية وأضيفت إليه حمّامات خاصة به، وهذا ما يدلّ على أن المدينة ظلت مزدهرة في العهد الأموي إلى أن تعرضت لزلزال مدمر عام 749 للميلاد، قضى على معظم معالمها العمرانية والحضارية.تشير الآثار واللقى وبقايا الأبنية التي ما تزال قائمة حتى اليوم، إلى أن "أم الجمال" شهدت ازدهاراً حين أصبحت دمشقُ عاصمة الدولة الأموية، إذ أعيد وقتَها استخدام البيوت السكنية الرومانية والبيزنطية، ومبنى الحاكم الإداري الروماني، وقاعة العرش، وكذلك تم افتتاح البيت الأموي الذي حُوِّل اليوم إلى مركز لزوار الموقع الأثري.بعد أفول العهد الأموي، ظلّت "أم الجمال" طيّ النسيان لسنوات طويلة، إلى أن قامت بعثة جامعة برنيستون الأمريكية بمسح أثري لمنطقة جبل الدروز وجنوب حوران خلال المدة 1891-1903، وسلطت الضوء من جديد على المدينة التي شهدت استقراراً جزئياً لعدد من السكان، واستُعملت بقايا مبانيها مخازنَ للأمتعة والحطب، كما استمر استخدام الآبار والبِرَك القديمة في الريّ والزراعة وسقاية الماشية والشرب. وتم الكشف خلال أعمال البحث والتنقيب عن نقوش يونانية ولاتينية وصفوية وعربية شمالية، كما وُجدت نقوش ثنائية اللغة./العمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري