الجزائر في الأول من أبريل /العُمانية/ جمع الروائيُّ، الخير شوار، في كتاب صدر عن منشورات البيت بعنوان "سلالة شهرزاد"، أسماء 27 قاصًّا جزائريًّا، يربط بينهم فنُّ الحكاية والاشتغال بها منذ ثمانينات القرن الماضي.
ويندرج هذا العمل ضمن ما يُعرف بـ "الأنطولوجيا"، ركّز فيه الكاتب على التعريف بأهمّ الأسماء في مجال القصّة في الجزائر، وقد أتى على ذكر بعض هؤلاء، بين طيّات هذا الإصدار، أبرزُهم عبد الباقي قربوعة، والسعيد مرابطي، وقلولي بن ساعد، وسليم بوعجاجة، وجيلالي عمراني، ويوسف بوذن، وفاطمة غولي، ومحمد رابحي، وعلاوة حاجي، وخالد ساحلي، ومسعود غراب، وحسين علام، وعيسى شريط، وعمارة كحلي، وجميلة طلباوي، وعبد القادر حميدة، وخليل حشلاف، وعلاوة كوسة، وعبد الوهاب بن منصور، وعبد الرزاق بوكبة، وعبد الوهاب تمهاشت، وعبد الحميد إيزة، وعبد الغني بومعزة.
ويؤكّد الخير شوار، في تقديم هذا الإصدار أنّ "شهرزاد وهي تحكي بشغف مغامرات وقصص مذهلة ساحرة، وحكايا عجيبة وغريبة، امتدّت ألف ليلة وليلة، أكّدت انتصار الحكاية على السيف".
وأضاف: "وقد استمرّت تلك المرأة من خلال حكاياها التي تتناقلها الأجيال بمختلف اللُّغات، ولولا الحكاية الشهرزادية لما بقي لشهريار وصولجانه أثر.. التاريخ لم يُخبرنا بمصير أولاد شهرزاد من شهريار، ومع ذلك، فإنّ الحكاية تقول إنّهم استمرُّوا في الزمن وتناسلوا عندما تفرّقوا في الأمكنة، واختلفت ألسنتهم، وربما كان من سلالتهم أوّل من كتب القصّة القصيرة في العالم في القرن التاسع عشر الميلادي، والقصّة هي بيت الحكاية الشرعية".
ويرى الخير شوار أنّ الحديث عن مآل سلالة شهرزاد يُحيلُنا إلى "راهن القصّة القصيرة"؛ وهو عنوان كبير لتجربة سردية جزائرية فضفاضة، خاصّة في هذا السياق الذي يتّسم بالنشر الافتراضي على الشبكة العنكبوتية، وغياب التواصل مع وجود الكثير من التجارب التي طُبعت، لكنّها غير معروفة بسبب سوء توزيع الكتاب بل غيابه في كثير من الأحيان.
والملاحظ على هذه "الأنطولوجيا"، التي تهتمُّ بفنّ القصّة في الجزائر، أنّ الخير شوار، مؤلّف هذا الإصدار، لم يتطرّق إلى نشأة وتطوُّر فن القصّة في الجزائر، لأنّ الأمر بحسب رأيه "معروفٌ وكتب عنه الكثير من الأكاديميّين"، لكن يمكن أن ننظر من خلال السياق الذي بدأت فيه على أيدي المؤسّسين الأوائل، أمثال أبو العيد دودو في مجموعته القصصيّة "بحيرة الزيتون"، والطاهر وطار في "دخان من قلبي"، ثم الجيل الذي جاء بعد ذلك، وهو الجيل الذي يعتبر شوار أنّ أنضج تجاربه هي تلك التي عبّر عنها عمار بلحسن، ومصطفى فاسي، ومحمد الصالح حرز الله.
ويؤكّد شوار أنّ "أقرب التجارب القصصيّة إلى وجدانه، أثناء البدايات الأولى، هي هذه الكوكبة التي اختارها لكتابه، والتي تُمثّلها كتابات السعيد بوطاجين وعبد العزيز غرمول، وللمفارقة فإنّ هذين الكاتبين المحسوبين على جيل الثمانينات، بدآ الكتابة بالفعل في سبعينات القرن الماضي، ولم ينشر كلُّ واحد منهما أولى مجموعاته القصصيّة إلا في النصف الثاني من التسعينات عندما أصدر غرمول "رسول المطر"، وأصدر بوطاجين "ما حدث لي غدا"، ولم ينل كلُّ واحد منهما الاعتراف الذي يليق بتجربته إلا مع الجيل الذي جاء بعده".
وعن مسألة الأجيال، يقول الخير شوار في مقدّمة هذا الإصدار "التقسيم الميكانيكي الشائع للأجيال نراه غير مجد، يحاول أصحابُه التأكيد على أنّ الجيل لا يتجاوز العشرية من الزمن بالحساب الشمسي، والموضوع يمكن تناوله من زاوية أخرى تتجاوز ذلك، ويمكن تقسيم الأمر إلى محطات تاريخيّة كبرى؛ فهناك مثلا جيل 1954 الذي نشأ وكتب انطلاقا من مرجعية ثورة نوفمبر، ثم جيل 1972 الذي ارتبط بالمشروع الوطني بمحطته الكبرى الثورة الزراعية، إضافة إلى الثورة الصناعية، والثورة الثقافية، وأخيرا جيل 1988 الذي نشأ في أكتوبر والتحوُّلات التي عرفتها الجزائر في تلك المرحلة".
وقد ركّز الخير شوار في هذه "الأنطولوجيا" على كتّاب القصّة الذين ظهروا في الجزائر في مرحلة 1988 وما بعدها، وهو الجيل الذي مازال مستمرّا إلى اليوم بكثير من التضاريس المهمّة، ومثلما زامن هذا الجيلُ الجيلَ الذي سبقه، مازال يكتب مع بروز أجيال أخرى من الكتّاب في زمن الانفجار الرقمي.
يُشار إلى أنّ الخير شوار، مؤلّف هذا الكتاب، إعلاميٌّ وروائيٌّ جزائريٌّ، أصدر "زمن المكاء" (مجموعة قصصيّة/ 2000)، و"مات العشق بعده" (مجموعة قصصيّة/2005)، و"حكاية بني لسان" (قصّة/ 2009)، و"ثقوب زرقاء" (رواية/ 2014).
/العُمانية /النشرة الثقافية /طلال المعمري