الأخبار

"فوضى الرواية".. دراسةٌ نقديّة حول 10 روايات جزائرية

الجزائر في 19 فبراير /العُمانية/ تسعى الباحثةُ، د. سعاد بن ناصر، في كتابها الصادر بعنوان "فوضى الرواية" عن دار ميم للنشر بالجزائر، إلى التعمُّق أكثر في مضمون النصّ الروائيّ الجزائريّ المعاصر، وسيرورته وتطوُّره من خلال الذات السّاردة، المنفردة والمتعدّدة، في محاولة الوصول إلى الاختلاف والتغيُّر المستمرّ في النصّ الروائيّ؛ أي إلى فعل الكتابة الفاعل والخلاّق الذي تنتجه بالدرجة الأولى الذات الساردة (الكاتبة)، من خلال خصوصيتها وطريقة تحكُّمها في مسار السرد، باستخدام مفاهيم من نظرية التعقيد والتنظيم الذاتي، أو ما اصطلح عليه "نظرية الفوضى"؛ مفاهيم مثل التحوُّل الطّوري، والمتلازمة الاضطرابية، والفجوة، والمصادفة، والتغيُّر الدائم، والسلاسل السردية، والجواذب، والاحتمالات، والفوضى الواعية، وغيرها.

وتؤكّد الباحثة، عبر فصول هذه الدراسة النقدية على أنّها تهدف من خلال تطبيق "نظرية الفوضى" على عدد من الأعمال السّرديّة الجزائريّة، وهي ثالث أهمّ النظريات العلميّة في القرن العشرين، إلى تقديم شرح علميّ، وفكريّ، وفلسفيّ كمحاولة أولى لمقاربة الرواية الجزائرية بنظرية معاصرة، ومنهج نقديّ مأخوذ عنها مباشرة، مع الاستفادة من المفاهيم النظرية، والفلسفية، والفكرية، والتقنية معا، مثل الحساسية للظروف الأوليّة، والجواذب الغريبة، وهندسة التكرار المتغيّر (الفراكتال)، والديناميات المعقّدة، والإنتروبي، مع دراسة روايات لامست هذه النظرية، وهي "جلدة الظلّ" و"ندبة الهلالي" للروائيّ عبد الرزاق بوكبة، و "دم الغزال" لـ(مرزاق بقطاش)، و"نورس باشا" لـ(هاجر قويدري)، و"هذيان نواقيس القيامة" لـ(محمد جعفر)، و "سييرا دي مويرتي" لـ (عبد الوهاب عيساوي)، و "في رواية أخرى" لـ (محمد علاوة حاجي)، و"سكرات نجمة" لـ (أمال بوشارب)، و"فوضى الأشياء" لـ (رشيد بوجدرة).

وناقشت الباحثة في الفصل الأوّل من الكتاب نظرية الفوضى، وظروف ظهورها وتطوُّرها، ومفاهيمها الأساسيّة، وتطبيقاتها في الأدب، وعلاقتها الوطيدة بما بعد الحداثة. وقدّمت في الفصل الثاني نظرية الفوضى وعلاقتها بالثقافة المعاصرة، في قراءات لكتب فلسفيّة وفكريّة غربيّة اهتمّت بالفوضى ومفاهيمها، ونظّرت لها وهي منجزات نيتشة، ودولوز، وليوتار. كما قدّمت مؤلّفة الكتاب عبر مبحث "روّاد الفوضى عربيًّا"، تطبيقات سامي أدهم لنظرية الفوضى في كتابه "ما بعد الفلسفة..الكاوس، التشظّي"، ومحمد مفتاح في كتابيه "دينامية النصّ"، و"المفاهيم معالم"، فضلا عن استعراض هذا الفصل جماليات الفوضى ومتطلّباتها انطلاقا من الجماليات المعاصرة، إضافة إلى توضيح العلاقة الوطيدة بين نظرية الفوضى والاتّجاهات المعاصرة في النقد كالأنسنة، والنقد الثقافي.

وبالانتقال إلى الفصلين المواليين، الثالث والرابع، تدخل د. سعاد بن ناصر مرحلة التطبيق، إذ تُقدّم عبر الفصل الثالث المعنون "نظامٌ خارج من الفوضى" دراسة تطبيقيّة على نصوص انبثقت أنظمتُها من الفوضى بداخلها، أمّا الفصل الرابع "سياسات الكايوس في الرواية الجزائريّة المعاصرة"، فيتعلّق بإيجاد أنماط الترتيب داخل الفوضى عن طريق استخدام مبادئها الموضّحة في الفصل الأوّل من الكتاب.

يُشار إلى أنّ مؤلّفة هذا الكتاب، د. سعاد بن ناصر، حاصلةٌ على شهادة دكتوراه في الأدب العربي، تخصُّص الأدب الحديث والمعاصر، وتشتغل أستاذة للأدب العربي بجامعة الإخوة منتوري بقسنطينة (شرق الجزائر).

/العُمانية/النشرة الثقافية/عُمر الخروصي