الأخبار

كتابٌ حول دور التصوُّف والرحلة في توطيد العلاقات بين الدول المغاربية ومنطقة الساحل الأفريقي
كتابٌ حول دور التصوُّف والرحلة في توطيد العلاقات بين الدول المغاربية ومنطقة الساحل الأفريقي

الجزائر في 4 سبتمبر /العُمانية/ يحاول الباحث، د. سالم بوتدارة، في كتابه "التصوُّف والرحلة.. أبحاثٌ في المجال المغاربي وبلاد الساحل الأفريقي" (163 ص)، تتبُّع أثر التصوُّف والرحلة في توطيد العلاقات بين دول شمال أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي.

ويؤكّد مؤلّف الكتاب، في تقديم هذا الإصدار، أنّ المصادر التاريخية ومتتبّعي الروابط الحضارية بين بلاد المغارب ومنطقة الساحل الأفريقي، لا يختلفون على الدور المهم الذي يقوم به عامل الجوار في بلورة علاقات متعدّدة بين المنطقتين، فسحت المجال أمام حركية واسعة للأفراد والجماعات، من سماتها شيوع ظاهرة الترحال بين الأقطار المغاربية فيما بينها، ومع بلدان الساحل الأفريقي أيضا، ممّا ساعد في نسج علاقات متشعّبة، كان لطلبة العلم والعلماء، ووحدة المذهب، والطرق الصُّوفية دور كبير في ذلك النسيج، إذ إنّ هذه الأخيرة (الطرق الصُّوفية) -وبفضل نشاط شيوخها وزواياها المنتشرة في المنطقتين المغاربية وبلاد الساحل الأفريقي- قامت بأدوار متنوّعة، ونجحت بذلك في ضمّ عدد من الأتباع من مختلف بلدان المنطقتين، وإنشاء الزوايا للقيام بنشاطها الدعوي الذي تعدّى حدود البلدان والمناطق. وقد تمّ ذلك عن طريق الصحراء الأفريقية التي لم تكن عامل انفصال، بقدر ما كانت حلقة وصل بين المناطق الواقعة في شمالها، والمناطق الواقعة جنوبها في الساحل الأفريقي.

وشهدت ضفتا الصحراء الأفريقية تواصلًا مُستمرّا، منذ أقدم العصور، وقد زاد نشاطًا وتنوُّعًا في المظاهر بوصول الإسلام إلى شمال أفريقيا، وكان من تلك المظاهر التواصل الصُّوفي الذي حمله رجالُ الطرق الصُّوفية -ومريدوهم- على عاتقهم.

وقد اكتسبت الظاهرة الصُّوفية، في شكلها الطرقي، أهميّتها، وخصوصيتها المتميّزة عن طريق الانتشار خارج الحدود الجغرافية، وبرز التصوُّف في المجال المغاربي، وبلاد الساحل الإفريقي، كعامل موحِّد بين شعوب المنطقتين، مستقطبا بذلك اهتمام الدراسات الاستشراقية، والمدارس الكولونيالية، فكانت نتاجاتهما العلمية حول المنطقتين المغاربية، وبلاد الساحل الأفريقي، ترتكز أساسا على ثلاثة محاور هي: الديني، والسياسي، والاستعماري.

ويؤكّد مؤلّف الكتاب أنّ ذلك الاستقطاب يخصُّ الدراسات الصُّوفية لعمقها الديني، والاجتماعي، كما نالت النصوص الرحلية قدرا من استئثار الباحثين، سواء أكان ذلك على مستوى تحقيقهم ودراستهم لعدد مهمّ من تلك المتون، أو على مستوى الاشتغال عليها باعتبارها منطلقات، ومادة مصدرية في مقاربة قضايا، وإشكاليات متعدّدة.

كما يعالج كتاب "التصوُّف والرحلة"، بحسب مؤلّفه، مواضيع مختلفة ترتبط أساسا بالمنطقتين المغاربية والساحل الأفريقي، من حيث الفكر الصُّوفي السائد، وتأثيرات الطرق الصُّوفية، وصناعتها للعلاقات الحضارية، موازاة مع ظاهرة الترحال العلمي، وما نتج عنها من مناظرات، ومحاورات، وتواصل ثقافي.

ومن أهمّ أبواب هذا الكتاب "الكتابات الاستشراقية الفرنسية حول التصوُّف والطرق الصُّوفية بالجزائر، و"التصوُّف ودوره في ترسيخ العلاقات الروحية بين الجزائر وبلدان الساحل الأفريقي"، و"التأثيرات الدينية والحضارية لانتشار الطريقة القادرية بمنطقة الساحل الأفريقي"، و"دور الرحلات في التواصل الثقافي بين الإيالات المغاربية العثمانية"، و"الرحلات العلمية التواتية نحو بلدان الساحل الأفريقي وإسهاماتها العلمية".

يُشار إلى أنّ د. سالم بوتدارة، مؤلّف هذا الكتاب، حاصلٌ على الدكتوراه في التاريخ، ويعمل مدرّسا لهذا التخصُّص بجامعة حسيبة بن بوعلي بولاية الشلف (غرب الجزائر). ومن مؤلّفاته "الحركة العلمية بمنطقة توات" (2023)، و"المغرب العربي الحديث ما بين القرنين 16 و19 الميلاديين" (2023).

/العُمانية/النشرة الثقافية/ عُمر الخروصي