الأخبار

هناوي تعاين أقلمة السرد ضمن مشروع "علم السرد ما بعد الكلاسيكي"
هناوي تعاين أقلمة السرد ضمن مشروع

بغداد في 30 يناير /العُمانية/ تشهد الساحة النقدية عربيًّا وعالميًّا اهتمامًا ملحوظًا بالسرديات الطبيعية وغير الطبيعية، وأدى هذا الاهتمام إلى أن تكون لعلم السرد غير الطبيعي مكانةٌ خاصة في علم أوسع ميدانًا هو علم السرد ما بعد الكلاسيكي.

هذا ما سعت إليه الباحثة العراقية د.نادية هناوي بالاشتغال بمشروع ثلاثي الأجزاء، بدأته بـ"السرد غير الطبيعي"، وواصلته بـ"السرد غير الواقعي"، وأنهته بـ"أقلمة المرويات التراثية العربية".

يأتي الجزء الثالث الصادر حديثًا عن مؤسسة أبجد للنشر والتوزيع، ليكمل ما قدمته هناوي في الجزأين السابقين من مفاهيم وتصورات عبر دراسة التراث السردي الذي يحضر فيه السرد غير الواقعي بسيرورة لا انقطاع فيها، فاتحًا مجالات كبيرة لاستعادة تقاليده وتطوير العمل بها في السرد العربي المعاصر، مما يجعل هذا السرد نقطة شروع لوضع نظرية عربية في السرد.

واهتمت الباحثة بأقلمة السرد العربي القديم على وفق مستجدات علم السرد غير الطبيعي، وتقول عن ذلك: "الأقلمة فاعلية ثقافية تبحث في الأساسات والأصول، وغايتها تحديد التقاليد ومعالجة الخصوصيات وربط الأطراف بالأقطاب، وبالشكل الذي يسمح بوضع نظرية فيها من المفاهيم والتصورات التجريدية ما يبعث في سردنا هويته ويدلل على إنجازاته وفي نفسه الآن يصب في صالح السردية العالمية".

وبدأت هناوي دراستها لهذه المرويات من ملحمة جلجامش لما رأت فيها من أولوية في رسم أرضية لدراسة التراث السردي القديم بعد أن أهمل الباحثون في السرديات العربية دراسة الملاحم والحكايات الخرافية.

وأكدت أنه ما كان للسرد الغربي الحديث أن يغدو واقعيًّا لولا أنه مر بمراحل طويلة من اللاواقعية، وأنه تأثر كثيرًا بما في الحكايا والقصص العربية القديمة من توظيف لموضوعات غير واقعية، بدءًا من "دون كيشوت" لسرفانتس ومرورًا بـ"كانديد" لفولتير ووصولًا إلى "أقبية الفاتيكان" لاندريه جيد.

وحددت المؤلفة من خلال فصول الكتاب ومباحثه الاشتغالات السردية غير المألوفة والموضوعات غير الواقعية وضربت أمثلة كثيرة بها يتضح الفرق بين سردٍ واقعي عقلاني وسردٍ غير واقعي ولا معقول.

وأشارت هناوي إلى ثراء الطاقة التخييلية التي امتلكها إنسان العصور الغابرة، موضحة أن هذه الطاقة أسهمت في نشأة مسائل ميتافيزيقية في فهم الحياة، ومع تقدم العصور تشذب التخييل وقامت الكتابة بدور في ذلك، فغدت للتخييل قواعد هي بمثابة تقاليد تجلّت فيما بعد داخل قوالب صارت تُعرف بالأجناس.

وتضمن الكتاب ثلاثة فصول مع مقدمة ومهاد نظري حددت فيه هناوي منظورها النقدي للأقلمة السردية واتخذت من ذلك إطارًا نظريًّا لإعادة قراءة التراث السردي العربي القديم. فبدأت دراستها بالمرويات الخرافية متتبعة دور الحكّاء القديم في تثبيت دعائم قالب القصة العربية، الذي انتقل إلى آداب الأمم الأخرى في العصور الوسطى، وأثَّر في الأدب الأوروبي.

واعتمدت في تتبع هذا الانتقال على مفاهيم نظرية تصب في باب الأقلمة السردية، فاستعادت ما هو مندثر من المرويات التراثية، ودرست التحولات التي مرّت بها هذه المرويات.

وجاءت خاتمة الكتاب دراسة معمقة في رواية "دون كيخوته" لسرفانتيس، للتدليل على البعد التأسيسي للمرويات التراثية العربية في السرد الأوروبي الحديث.

/العُمانية/النشرة الثقافية/ عُمر الخروصي