عمّان في 28 نوفمبر /العُمانية/ تتحرك قصائد مجموعة "تحت سماء واحدة" للشاعر الأردني نضال برقان، في فضاء قصيدة النثر، خلافًا لمجموعاته السابقة التي تحركت في فضاء قصيدة التفعيلة.
وعلى صعيد المضمون، تتحرك المجموعة الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" في فضاء ثلاث مناخات رئيسة، هي: مناخ الحرب، مناخ الأنوثة، ومناخ الكتابة. وتشتبك هذه المناخات في بعض النصوص، بينما يحضر كلٌّ منها منفردًا متخذًا دور البطولة في نصوص أخرى.
ويقول برقان في تصريح لوكالة الأنباء العمانية عن هذه التجربة: "في البدء، نحن البشر، كنّا وسنبقى (تحت سماء واحدة)، لذلك كان لا بدّ من المحبة والعدالة، الحقيقة والياسمين، أنا وأنت، لنستطيع المقاومة والصمود في ظلّ خراب شاسع يتمدّد في الجوار، جوارِ القلب، وجوارِ البيت، وجوارِ الوطن".
ويضيف برقان الذي نال جائزة الدولة التشجيعية في حقل الآداب (2006): "لم أكن حريصًا يومًا في أن أكون شاعرًا.. ولعلّ الشعر، بتعريفاته الكلاسيكية وغير الكلاسيكية، لا يعنيني.. فقط أردتُ أن أقول لامرأة أحبّها: (أحبُّكِ)، فأتيتُ باسمها، ووضعته بين مجموعة من الكلمات، فإذا بها تستحيل قصيدة، هكذا: (مجرد كلمات عادية/ أضع اسمكِ بينها/ تستحيل قصيدةً". ويستدرك بقوله: " تارة هي الحقيقة، وتارة العدالة، وكثيرًا ما كانت روحي وقصيدتي وكلمتي ووردتي التي أحارب بها".
ويشير برقان إلى أن قصيدة النثر أخذته في هذه المجموعة إلى فضاءات شعرية غير مكتشفة، وأتاحت له اختبار مواقف إنسانية ومشاعر شفيفة. وهنا - كما يرى- "يكمن الشِّعر، أو يكمن الشِّعر الحقيقي والصافي".
ويرى الفائز بجائزة "تلك الأشعار" (2021) عن قصيدته "تحت سماء واحدة"، أن تاريخنا مليء بالقصائد الكلاسيكية التي استطاعت سبر غور الذات الإنسانية، وتقديم مشاهد وصور صافية ونقية وجميلة في الوقت نفسه، لكنه وجدَ قصيدة النثر قادرة على إضافة شيء مختلف للشعرية العربية، كما قدمت وستقدم أشكال القصائد الأخرى.
وبحسبه، تنشغل "تحت سماء واحدة" في تأمل الحرب بوصفها فعلًا مجردًا، وتأمل تبعاتها في الذات المفردة والجمعية، لذا كان انحيازه للحقيقة والعدالة، وللبحث عن تلك المفردات الغائبة، أو الذاهبة بعيدًا في غيبها.
ويتابع برقان بقوله: "بالقرب من الانشغال في الحقيقة والعدالة، كان لا بدّ من حضور المرأة، بوصفها تلك اللمسة السحرية التي لا يكتمل المشهد من دونها، وبوجودها يمكن للكلمات أن تستحيل قصائد، ويمكن للشِّعر أن يتنفّس، ويمكن للشاعر أن يكون شيئًا ذا بالٍ في هذا الوجود".
ويؤكد أن أسئلة القصيدة لم تبتعد عنه في يوم من الأيام، ولم تخرج من مختبر الكتابة خاصّته لحظة، وأنه في الوقت الذي اشتغل فيه بعضهم بتعريف القصيدة وتأطيرها، كان هو منشغلًا بـ"تكسير تلك التعاريف وتحطيم هاتيك الأطر".
ومن أجواء المجموعة، نقرأ:
"أبدِّدُ غيمةَ النعاسِ في عينِ الرتابةِ
أعكِّـرُ الماءَ الساكنَ في بئرِ البلادةِ".
وعلى الغلاف الأخير للمجموعة، نقرأ:
"أعرفُ أنّكِ في مكانٍ ما هناك
تُغنّين للأملِ
وتُحيكين ملابسَ جديدةً للحقيقةِ
وتزرعين النجومَ في حوضِ النعناع".
يُذكر أن برقان يعمل مديرًا للدائرة الثقافية في صحيفة "الدستور" الأردنية، صدر له شعرًا: "مصاطب الذاكرة" (1999)، "مصيدة الحواس" (2003)، "مطر على قلبي" (2005)، "مجاز خفيف" (2010)، "ذئب المضارع" (2015).
/العُمانية/النشرة الثقافية/عمر الخروصي