الأخبار

"شادي" لملك شقير.. قصص من بطولة الطبيعة

عمّان في 29 أغسطس /العُمانية/ تتسم القصص التي تقدمها الكاتبة الأردنية ملك شقير في مجموعتها "شادي"، بالصبغة الواقعية التي تستند إلى الأحداث اليومية البسيطة، لكن القاصّة تضعها في قالب أدبي يقرّبها إلى القارئ ويجعله جزءًا من تفاصيلها.

وتحفل المجموعة -الصادرة عن "الآن ناشرون وموزعون" والمكوّنة من 498 صفحة- بالمشاهد التي تنتمي إلى سياقات زمانية ومكانة متباينة، لكنها ائتلفت لتشكل وحدةً متماسكةً، جسّدت سطورها رؤية الكاتبة وطريقة فهمها للأشياء.

وتُسند قصصُ المجموعة البطولة للطبيعة، فتجعلها مسرحًا تتحرك فيه الشخصيات وتلتحم بمعالمه.

تقول الكاتبة في قصة "البحيرة": "كانت ضفاف البحيرة داكنة اللون تكثر فيها الصخور، اختفت المدينتان القديمتان الحافلتان بالأحداث منذ دهور دون أن تتركا فيها أثرًا، ثم غاضت الحياة بكل أشكالها من الضفاف فتحولت إلى بيداء لم تكن لتطأها قدم لولا هذا الفندق، ولعل الفندق نفسه سيختفي يومًا، راحت مروة تطيل النظر إلى ذلك القفر الذي لم ترَ مثله من قبل فرأت فراغَهُ نفسَهُ حافلًا بالأسرار، ومن ورائه تراكمت صخور شاهقة تشبه بناءً ذا تصميم مبتكر تجنّب بانيه إعطاءه شكلًا محددًا، وهي أحفل منه بالغموض".

وتصف شقير مشاهد الطبيعة في قصة "شادي" التي حملت المجموعة اسمها، بقولها: "استيقظ الطفلان صباح يوم الجمعة على صوت الريح وهي تهز النافذة هزًّا، والمطر وهو يضرب زجاجها، نظرا فوجدا السماء ملبّدةً بالغيوم الكثيفة، والفضاء قاتمًا، والأشجار تترنح وكأنها تكاد تُقتلع من أرضها. تذكّرا أن هذا أول أيام الربيع كما قال لهما أبوهما فتضاعف أساهما، كانا يتوقعان أن يتحسّن الطقس اليوم فماذا حدث؟ كيف يأتي الربيع بكل هذا المطر والبرد؟ كيف يُظلِم وجه السماء هكذا في أول أيامه؟ إنهما يتلهفان للّعب في الحديقة بعد ذلك الشتاء الطويل الماطر، لكن ها هو المطر يهطل بغزارة، وها هي الريح تعصف فتبعث فيهما خوفًا عميقًا".

ومع احتفائها بالريف لم تُغفل الكاتبة تفاصيل المدينة، لكن هذه التفاصيل كانت دائمًا ممتزجةً بالطبيعة المتخيَّلة التي تبثّ روحًا إيجابيةً في المكان، وتحتفي بالشمس والضياء والمطر، جاعلةً من الفصول خلفيةً ثابتةً تؤثّر في الأحداث وفي تلقّي القارئ لها..

امتازت لغة الكاتبة بالسلاسة والرصانة، ما يشير إلى تمكنها من صنعة الكتابة، وامتلاكها مخزونًا لغويًّا تستحضر فيه أسماء الأشياء والتفاصيل المكانية والزمانية بدقة. وكانت عبارات القصص الأربع والعشرين مكثّفة مزجت فيها بين الوصف والحوار، الأمر الذي مكَّن الشخصيات من التعبير عن نفسها في المواضع التي كان من الضروري لها ذلك. نقرأ في إحدى القصص: "تكدّست الزُّهور المختلفة في أنحاء الحديقة فامتلأت بها مزهريّات البيت، وبعثت الأمُّ بباقات منها للأقارب والأصدقاء، في حديقة المطبخ فاحت رائحة النعناع المنعشة، وعلت سيقان البصل الأخضر والثّوم والبقدونس، فسارعت الأمُّ إلى إعداد المزيد من الأطباق اللّذيذة للعائلة. قالت الأمُّ يومًا وهي تُعدُّ أحد تلك الأطباق: ما أجملَ هذا الربيع وما أكثرَ خيراته!".

/العُمانية/النشرة الثقافية/عمر الخروصي

أخبار ذات صلة ..