عمّان في 22 أغسطس /العُمانية/ يضمّ معرض "التشخيصية في الفن الأردني" الذي ينظمه المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة أكثر من مائتين وعشرين عملًا يعكس طيفًا واسعًا من التجارب الفنية منذ ثلاثينات القرن الماضي حتى الآن.
وتنتمي الأعمال المعروضة إلى المدرسة التشخيصية التي نشأت في إيطاليا وتميزت بألوانها الزاهية وخطوطها الواضحة والدقيقة، والتي تعبّر عن موضوعات تتصل بالعدالة الاجتماعية وتسعى إلى إيجاد حالة من الوعي الاجتماعي حول قضايا إنسانية عامة، وهي بهذا المعنى تحاول أن تُحدث تغييرًا عبر الفن، وتؤكد على الروابط بين الفن والعلم والمجتمع.
ويضمّ المعرض أعمالًا لمائة وعشرين فنانًا تشكيليًّا ينتمون لأجيال عدة، منهم من استخدم الرسوم المتحركة والصور الظلّية للتعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة ملهمة، ومنهم ما قدم أعمالًا مفاهيمية مستخدمًا لغةً مرئية ذات بُعد شاعري لمعالجة القضايا والموضوعات التي تتفاعل على الساحة الاجتماعية والسياسية والبيئية، لذا تبتعد هذه الأعمال عن التفاصيل غير الضرورية وتتجه نحو الرمزية في طرح رسائلها.
ونشاهد في المعرض أعمالًا لعددٍ من الروّاد، تُبرز التشابكات وتتعدد فيها الصور السوريالية والرسومات الحيوية ذات الصلة بالحياة الحديثة والمدنية، كما نشاهد أعمالًا تجريديةً وطباعية وفوتوغرافية ومنحوتات بمواد متنوعة وخزفيات.
ففي أعمال مهنا الدرة /1938-2021/ نطالع رحلة الفنان مع التجريد الذي أنجز من خلاله أعماله الأولى متأثرًا بمدرسة روما، إذ رسم العمائر والأبنية في مدينة عمّان، واحتفى بتفاصيلها الطبيعية كالجبال التي غلب عليها الأزرق بتدرجاته، والصحراء التي تمتد بلونها البنّي الذي يتعانق مع الأزرق السماوي، وخيام البدو ووجوههم السمراء. كما اهتم الدرة بتوثيق الطقوس الشعبية والممارسات المرتبطة بها في المناسبات كالدبكة.
ومن الجيل الأول، تتجلّى أعمال رفيق اللحام /1931-2021/ التي تنوعت تقنياتها وأساليبها الفنية خلال تجربته في الرسم بالألوان الزيتية والمائية وبقلم الرصاص والحبر الصيني والحفر، متنقلًا بين المدارس الواقعية والرمزية والحروفية والتعبيرية، قبل أن يعتمد التجريدية في أعماله الأخيرة.
ويتاح لجمهور المعرض مشاهدة أعمال فخر النساء زيد /1901-1991/ التي اشتغلت على المزج بين الفنّين الإسلامي والبيزنطي، واهتمت بالمدرسة التجريدية، وأنجزت لوحات بالرسم الزيتي والكولاج والزجاج المعشق. كما تُعرض أعمال لأحمد نعواش /1934-2017/ الذي درس في روما وتأثر بالمدرسة التشخيصية فيها، وقدّم أعمالًا بتقنية الحفر على الحجر "الليتوغرافي"، وعُرف بأعماله التي استعمل فيها ماء الفضة /حامض النتريك/.
ويضمّ المعرض أيضًا أعمالًا لسامية الزرو /1938/ التي اتخذت من المعادن بأنواعها وسيلةً للتعبير الفني، وأعمالًا لياسر الدويك /1940/ الذي تنوعت أعماله بين الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف. وفي مجال الخزف والفخار تبرز أعمال التشكيلي محمود طه /1942-2017/ الذي واءَم بين الأشكال الخزفية والحروفية. أما أعمال عزيزة عمورة /1944-2018/ فتُظهر تميزه في رسم البورتريه عربيًّا.
وفي النحت تبرز أعمال منى السعودي /1945-2022/ التي اتخذت من الدائرة مدارات لأشكالها النحتية، واستخدمت معها الخط لتكتب مقاطع مختارة لعدد من الشعراء العرب. وقد اشتهرت السعودي بمنحوتاتها الضخمة التي تتسم بحساسيتها الشعرية، وهي تتناول مواضيع الأم والأرض والطبيعة والإبداع وحياة الكائنات. وفي النحت أيضًا تبرز أعمال كرام النمري /1944/ الذي درس في إيطاليا وتأثّر بتقنيات النحت على الرخام.
ويستمر المعرض حتى مطلع العام المقبل، ويتخلله تنظيم برامج متخصّصة لطلبة المدارس والجامعات والمراكز الثقافية والفنية، إلى جانب عقد ندوات ومحاضرات حول محتوياته، مع الإشارة إلى أن معظمها من مقتنيات المجموعة الدائمة للمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة.
/العُمانية/النشرة الثقافية/عمر الخروصي