الأخبار

معرض فني في عمّان عن "العين" ورمزياتها
معرض فني في عمّان عن

عمّان في 14 مارس/ العمانية/ تحتل "العين" حضورا كبيرا في التراث الشعبي، وهي تعدّ نافذة على داخل الجسد تقول ما لا يقال، ومما يتردد في هذا السياق: "والصَّبُّ تفضحه عيونه"، و"العين مغرفة الكلام". وتعكس العين مشاعر الإنسان وتعبّر عن أحاسيسه؛ فهذه عين عاشقة، وتلك عين حزينة، وأخرى فرحة، وهناك عين كارهة، وأخرى غاضبة.. إلخ.

من هذا الحضور القويّ للعين وارتباطها بالموروث، استمدّت التشكيلية الأردنية سما دودين موضوع معرضها "عين" الذي يحتضنه جاليري رؤى للفنون في عمّان، ويضم أكثر من خمسين لوحة بأحجام متعددة.

تعبّر الأعمال المعروضة عن العديد من الدلالات التي تحملها العين، وأهمها ما ترمز إليه من حسد وطمع، ويعود هذا الاعتقاد إلى العصور القديمة، حيث سادت فكرة "العين الشريرة"، وتفنّنت الشعوب في اختراع التميمات التي تقي من هذه العين، كرسم العين ووضع حدقتها باللون الأزرق، أو رسم الكف وفي وسطه العين التي تدرأ الشر وتُنجي من الحسد.

وقدمت دودين ثيمة "العين" بالنظر إلى ما تعبّر عنه في الذاكرة الشعبية، حيث نفّذت الأعمال بأسلوب أقرب إلى فن الكاريكاتير، مع مزج لبعض المقولات والتعابير المتداولة التي ترتبط بثيمة العين، مستخدمةً في ذلك الأحبار الملونة وقلم الفحم، ويمكن مطالعة عدد من التعابير الموحية التي ضمنتها الفنانة داخل لوحاتها، مثل: "عين الحسود فيها عود"، و"خمسة وخميسة بعين الحسود". رابطةً بين الرسم من جهة، والتعابير الكلامية من جهة أخرى، في توليفة تصب في فكرة كلية تجسّد ما تحمله العين من معانٍ ودلالات.

وخصصت الفنانة، كنوع من التفاعل مع الجمهور، واجهة جدار في المعرض ليرسم عليها الزائرون تجاربهم الخاصة مع فكرة "العين"، لتعزز بذلك علاقة المعرض بحياة الناس ومعتقداتهم.

ووضعت الفنانة على الجدار عبارات محفزة للجمهور، مثل: "أنا أكره العين..."، و"أنا أحب العين....". وطُلب من الزوار وضع انطباعاتهم عن العين المكروهة، فمنهم من كتب أنه يكره العين الحاقدة والغيورة والكاذبة، وكذلك انطباعاتهم عن العين المحبوبة، إذ وضع بعضهم: "أنا أحب العين البنية، الصادقة، الواسعة".. وتوضح الفنانة أنها أرادت من ذلك إظهار أهمية الطريقة التي ينجَز بها العمل والتي قد تفوق نتائجها وتأثيراتها نتائج العمل بشكله النهائي وتأثيراته.

وحول فكرة المعرض تقول دودين إنها خلال إقامتها وعملها في كندا، لاحظت أن أجواء البرد تجبر الناس على وضع أغطية سميكة على وجوههم بحيث لا يُرى منهم سوى العيون، فأصبحت بمرور الوقت قادرة على قراءة هذه العيون وفهم ما تخبئه، وحين عادت إلى الأردن تعمّق اهتمامها بالعيون أكثر من خلال رؤيتها لكيفية تعاطي الناس مع "العين"، لذا أنجزت أعمالا فنية بأسلوب طريف، يعبّر عن فكرة العين، وفكرة العين التي تراقب العين، وهكذا وصولا إلى استكشاف كيفية تحول المجتمعات نفسها إلى مجتمعات رقابية تصادر حرية الآخر وتُحكم عليه الخناق وتتحكم به.

/العمانية /النشرة الثقافية / طلال المعمري