الأخبار

ندوة الأسرة وبناء القيم تناقش الفرص والتحديات التي تعيشها الأسرة في ظل المتغيرات المعاصرة
ندوة الأسرة وبناء القيم تناقش الفرص والتحديات التي تعيشها الأسرة في ظل المتغيرات المعاصرة

مسقط في 4 فبراير /العُمانية/ بدأت بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض اليوم أعمال ندوة "الأسرة وبناء القيم..الفرص والتحديات" التي تنظمها مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية وتستمر ثلاثة أيام تحت رعاية معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام.

وتشتمل الندوة على 11 جلسة ضمن 3 محاور رئيسة وهي الأسرة فكرًا وأخلاقًا، وواقع الأسرة الاجتماعي، والأسرة في العالم الرقمي، بمشاركة عدد من الأكاديميين والمختصين من داخل سلطنة عُمان وخارجها.

وقال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عُمان في كلمة ألقاها في افتتاح أعمال الندوة: "إن الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وبحسب ما تكون عليه من قوة وصلابة تكون متانة المجتمع وعلاقة بعضه ببعض، فإن الإنسان خلقه الله ليكون بفطرته مدنيًّا وبعلاقته اجتماعيًّا، فلا بد للفرد من الأسرة ولا بد للأسرة من المجتمع، وهم باجتماعهم وتعاونهم وتكاتفهم يشدّ بعضهم أزر بعض، ويقضي بعضهم حاجة وذكر سماحته أنّ هذا كله إنما هو مرهون بارتباط الأسرة بالقيم التي تتكون من العقيدة الصحيحة والأخلاق العليا، فيصدق على كل أفراده وصف النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين في قوله: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وأصل ذلك قول الله تعالى:( إنما المؤمنون إخوة) فالإيمان لحمة قوية تشدُّ المؤمنين بعضهم إلى بعض هي أقوى من لحمة النسب.

وأضاف سماحته: "إن ما جسّده الرعيل الأول من هذه الأمة الذين ضربوا أروع الأمثال في اندماج بعضهم مع بعض، وحسن تآخيهم في الله، حتى أولئك الذين استشرت بينهم العداوة حقبة من الدهر، وتوارثوها أبًا عن جد، وخلفًا عن سلف، فقد وحد بينهم الإيمان ومحا كل أثر من آثار الخلاف والخصام بينهم، كما امتن الله تعالى بذلك على نبيه عليه الصلاة والسلام الذي أيده بهم فكانوا له خير صحبة".

وبين سماحته أنّ الله تعالى ذكّرهم بهذه النعمة العظيمة التي أسبغها عليهم، فوحدتهم من شتات، وأحيتهم من موات، فصاروا أمة مثالية في تعاونها وتآزرها، وتوادها وتراحمها، فقد ذكرهم بما كانوا عليه وما حوَّلهم إليه مضيفًا أنّ هذه المُثُل لا تحيا إلا بالمحافظة عليها من خلال المحافظة على القيم، والتمسك بالفضائل، فلذلك كانت ضرورة التناصح والتآمر بالخير والتناهي عن الشر، ولذلك دعاهم بعد هذا الامتنان إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

من جانبه أشار خليل بن أحمد الخليلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الإمام جابر بن زيد الوقفية في كلمة المؤسسة إلى أنّ العالم يعيش اليومَ لحظاتٍ متسارعة، نصبح فيها ونمسي على إيقاع لا منتهٍ من التغيير في مناحي الحياة جميعها، عالمٌ تتزاحم فيه غاياتُ التدافع والتأثير، وليست الأسرةُ بمنأى عن هذه التجاذبات بغض النظر عن دوافعها: سياسةً كانت أو اقتصاديةً أو فكريةً أو غيرَ ذلك من البواعث المختلفة، فلم يعد سرا ما يحاك من السعي الحثيث لتفتيت الأسرة وضرب كيانها.

وقال إنّ للطفرات الرقمية التي يشهدها الواقع التقني اليوم إسهاما بالغا في التأثير على الدول والمجتمعات، فقد أفرز واقعا جديدا تغيَّر معه نمط الحياة، وانطوت بسببه المسافات؛ فتقارب الناس وتيسر لهم التواصل وبلوغ المعارف والمنافع بأيسر الطرق، وهذا جانب جيّد من التغيير الحاصل، يجدر بمجتمعنا أن يأخذ بأحسنه، وأن يستفيد قدر الإمكان منه.

وبين أنّ تدفق البيانات في فضاء الإنترنت يمثل تحديا من حيث الكم الهائل من المعلومات التي تشتت الذهن -ابتداءً-، إضافة إلى إشكالية المضمون الذي اختلط فيه الغث بالسمين، فتسللت أفكار دخيلة كثرت معها المغالطات والرِّيَب، ونوزعت بسببها الأسرةُ دورَها؛ مما أدى بفئة من الشباب -ذكورا وإناثا- إلى الوقوع في شرك الشبه العقدية أو دخول دائرة التيه والعقد النفسية، أو انزلاق الحال ببعضهم إلى درك التشكيك والجحود.

وأكّد على أنّ للأسرة خصوصًا والمربين عمومًا مسؤولية القراءة الصحيحة للواقع بما يعين على أداء دور المرشد الحكيم والناصح الأمين، الذي يبدأ من متطلبات الجيل الحالي، ويستلهم المبادئ التربوية ويبني نماذجها التطبيقية بما ينسجمُ مع الثوابت الدينية والاجتماعية ويواكبُ المتغيراتِ المعاصرةَ وهذا يؤسس القيم في نفوس النشء تأسيسًا متوازنًا يجمع بين رسوخ المنبت وتطلعات الأجيال الحديثة".

وتناولت الجلسة الرئيسة للندوة الوعي المجتمعي بدور الأسرة وأهمية الوعي الفكري والأخلاقي ودور الأسرة في تعزيز العلاقات الاجتماعية والتواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع والتطرّق إلى الاستراتيجيات والأدوار الواجب على الأسرة استخدامها للتعامل مع هذه التحدّيات.

واستعرض اليوم الأول محور "الأسرة.. فكرًا وأخلاقًا" الذي تناول أربع قضايا تضمنت 4 جلسات حيث جاءت الأولى بعنوان محورية الأسرة في المنظور الإسلامي للاجتماع البشري، قدمها فضيلة الشيخ كهلان بن نبهان الخروصي، تطرق فيها إلى أهمية الأسرة في التكوين الفطري للبشرية ومعالجة الإشكالات العقدية والمفاهيمية المتصلة بالموضوع.

وناقش فضيلة الشيخ الدكتور أبو زيد المقري الإدريسي في الجلسة الثانية الإعلام الغربي ومضامين التربية على فكرة الإلحاد والشذوذ من ناحية الكشف عن التدابير التي يعتمدها الإعلام المؤدلج في صناعة الأجيال الموجهة، وتطرّقت الدكتورة فريدة زمردة الجلسة الثالثة دور المصطلحات ومعالجتها في تشـكيل الوعي العقائدي أشارت فيها إلى قضية المصطلحات المتصلة بالأسرة في ظل انتشار العولمة، وإشكالات التدافع بين التيارات الساعية لتجفيف منابع تكوين الأسرة من خلال نشر اصطلاحات جاذبة.

وتطرّق الدكتور باحمد أرفيس في الجلسة الرابعة والأخيرة إلى الوعي بالوظائف الطبيعية والحقوقية بين أفراد الأسرة، وناقش فيها أهمية تكامل الأدوار والبذل والتضحية داخل الأسرة؛ من أجل صناعة أجيال تبدأ في رؤيتها للحياة من خلال الوعي بالحقوق من حيث التنظير والتطبيق سواء كان بين الزوجين أو بينهما وبين الأولاد.

وأكّد عدد من الأكاديميين والمختصين لوكالة الأنباء العُمانية على أهمية الندوة التي تسلط الضوء على جميع الجوانب للأسرة وتستعرض فرص الواقع الأسرّي وتحدياته حيث أشارت الدكتورة ريا بنت سالم المنذرية أستاذ مشارك ورئيس قسم المناهج والتدريس بجامعة السُّلطان قابوس إلى أنّ الندوة جاءت لتقدم رسالة مباشرة وضمنية للمجتمع وللكل بأن الأسرة هي أساس البناء وأساس صناعة التغيير للأفضل كونها تتعامل مع أغلى ثروات الأرض وهي الإنسان.

وأضافت أنّ الندوة تركز على المنظومة القيمية وكيفية الارتقاء بالإنسان فكرًا ومعارف وخبرات للارتقاء بقيمه في المقام الأول كما تركز على أهم القضايا المجتمعية التي نواجهها في المنظومة القيمية التي تواجهها الأسرة وتحاول إيجاد المعالجات المناسبة لها بما يرتقي بالفرد خاصة في ظل ما نعيشه من عالم متغير في الجوانب المعرفية والتكنولوجية.

من جانبه أكّد الدكتور جاسم المطوع إعلامي وخبير في المجال التربوي والأسري من دولة الكويت على أهمية هذه الندوة التي تأتي في ظل ما يشهده العالم من العديد من التحدّيات التي تواجه الأسرة سواءً كانت ثقافية وفكرية وهو ما يؤكد على أهمية حماية الأسرة وأن تكون محصنة من هذه التحدّيات في تربية الأبناء لمواجهة مثل هذه الأفكار التي تنتشر وتزعزع هوية الأسرة.

وتهدف "ندوة الأسرة وبناء القيم.. الفرص والتحدّيات" إلى نشر الوعي بأهم تحدّيات العولمة وتأثيرها على الأسرة وتحصين النشء فكريًا ومعرفيًا بالمبادئ والقيم الأصيلة.

/العُمانية/

ياسر البلوشي